إن التقوى لها طريق هو عبادة الله، وعبادة الله مرتكزها معرفته الصحيحة، ومعرفته الصحيحة تقتضي معرفة حكمته في خلق الأشياء، وذلك يوصلنا إلى الإيمان باليوم الآخر، وهذه المجموعة دللت على اليوم الآخر، ولفتت نظر الإنسان إلى شيئين يذكران به: خلق الإنسان، وإحياء الأرض الميتة، وعرفتنا بذلك على الله، ومما عرفتنا به على الله، أن الله ما كان ليخلق الخلق لولا الساعة والبعث، مما يدل على أن الساعة والبعث تقتضيهما الحكمة، ومن ظن أنه لا ساعة ولا بعث فإنه لا يكون قد عرف لله الحكمة، وهكذا نرى أن سياق السورة يخدم محور السورة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
[الفوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ذكر ابن كثير: ما رواه الإمام أحمد عن وكيع بن عدي عن عمه أبي رزين العقيلي- واسمه لقيط بن عامر- أنه قال: يا رسول الله أكلنا يرى ربه عزّ وجل يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أليس كلكم ينظر إلى القمر مخليا به؟» قلنا: بلى، قال «فالله أعظم» قال: قلت: يا رسول الله كيف يحيي الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال:«أما مررت بوادي أهلك ممحلا؟ قال: بلى، قال: «ثم مررت به يهتز خضرا» قال:
بلى، قال:«فكذلك يحيي الله الموتى، وذلك آيته في خلقه»).
٢ - وبمناسبة قوله تعالى فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ذكر ابن كثير حديث الصحيحين عن ابن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقي، أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح».