بعنايته، ويحرسهما بعينه التي لا تنام، ولم تزل المحاجة والمجادلة والآيات تقوم على يدي موسى شيئا بعد شئ، ومرة بعد مرة، مما يبهر العقول ويدهش الألباب، مما لا يقوم له شئ ولا يأتي به إلا من هو مؤيد من الله وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وصمم فرعون وملؤه- قبحهم الله- على التكذيب بذلك كله والجحد والعناد والمكابرة حتى أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد، وأغرقهم في صبيحة واحدة أجمعين فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (الأنعام: ٤٥). أهـ
*** وَلَقَدْ بَوَّأْنا أي أنزلنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ أي منزل كرامة بعد أن عاقبهم بالتيه إذ أورثهم الأرض المقدسة فترة طويلة من الزمن وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي
الحلال من الرزق الطيب النافع المستطاب طبعا وشرعا فَمَا اخْتَلَفُوا فآمن بعض وكفر بعض، وسفه بعضهم بعضا، وقاتل بعضهم بعضا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ أي ولم يكن لهم أن يختلفوا وقد بين الله لهم وأزال عنهم اللبس إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ أي يفصل بينهم يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من أمر الدين والدنيا.
[فوائد]
١ - بمناسبة هذه الآية يذكر ابن كثير بالحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه والموجود في السنن والمسانيد «إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة، وأن النصارى اختلفوا على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، منها واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي».
٢ - ذكر ابن كثير قصة الأرض المقدسة، وقصة بني إسرائيل معها بعد الخروج فقال:
(ولكن استمروا مع موسى عليه السلام طالبين إلى بلاد بيت المقدس وهي بلاد الخليل عليه السلام، فاستمر موسى بمن معه طالبا بيت المقدس، وكان فيه قوم من العمالقة، فنكل بنو إسرائيل عن قتالهم، فشردهم الله تعالى في التيه أربعين سنة، ومات فيه هارون ثم موسى عليهما السلام، وخرجوا بعدهما مع يوشع بن نون، ففتح الله عليهم بيت المقدس، واستقرت أيديهم عليها إلى أن أخذها منهم بختنصر حينا من الدهر، ثم عادت إليهم، ثم أخذها ملوك الرومان، فكانت تحت أحكامهم مدة طويلة، وبعث الله