٢ - [كلام النسفي في تفسير كلمة «أنزل» في الآية (٦)]
يلاحظ أن الله عزّ وجل قال: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ فهل المراد بالإنزال الخلق، أو غير ذلك؟ قال النسفي مفسّرا كلمة (أنزل) في الآية: (أي:
جعل عن الحسن، أو خلقها في الجنة مع آدم عليه السلام، ثم أنزلها، أو لأنها لا تعيش إلا بالنبات، والنبات لا يقوم إلا بالماء، وقد أنزل الماء فكأنه أنزلها)
٣ - [كلام النسفي حول آية يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ وحديث عن الخوف والرجاء]
عند قوله سبحانه وتعالى عن المؤمن: يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قال النسفي: (ودلّت الآية على أن المؤمن يجب أن يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمته لا عمله، ويحذر عقابه لتقصيره في عمله، ثم الرجاء إذا جاوز حدّه يكون أمنا، والخوف إذا جاوز حدّه يكون إياسا، وقد قال الله تعالى فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (الأعراف: ٩٩) وقال إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (يوسف: ٨٧) فيجب أن لا يجاوز أحدهما حده) وقال ابن كثير:
(ولا بد في العبادة من هذا وهذا (أي الرجاء والخوف) وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب، ولهذا قال تعالى: يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه، كما قال الإمام عبد بن حميد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال «كيف تجدك؟» فقال: أرجو وأخاف، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله عزّ وجل الذي يرجو، وأمّنه الذي يخافه». ورواه الترمذي والنسائي في اليوم والليلة، وابن ماجه وقال الترمذي غريب، وقد رواه بعضهم عن ثابت عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسلا.)
٤ - [كلام ابن كثير حول آية أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ .. وحديث عن القنوت والخشوع]
وفي قوله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً قال ابن كثير: يقول عزّ وجل أمّن هذه صفته كمن أشرك بالله وجعل له أندادا؟ لا يستوون عند الله كما قال تعالى: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (آل عمران: ١١٣) وقال تبارك وتعالى هاهنا أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً أي: في حال سجوده وفي حال قيامه، ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة، ليس هو القيام وحده، كما ذهب إليه آخرون. وقال الثوري عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: القانت المطيع لله عزّ وجل ولرسوله صلّى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن والسّدّي وابن زيد (آناء الليل): جوف الليل، وقال الثوري