للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الأولى]

أَلَمْ تَرَ قال النسفي: أي: ألم تعلم يا محمد علما يوازي العيان في الإيقان؟ وهو استفهام تقرير كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ أي: قوم هود عليه السلام

ثم فسرها بقوله تعالى: إِرَمَ قال النسفي: تسمية لهم باسم جدهم ذاتِ الْعِمادِ أي: قبيلة إرم ذات العماد فالمعنى أنهم كانوا بدوا أهل عمد، قال ابن كثير تعليلا لوصفهم هذا:

لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا

الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ قال ابن كثير: أي:

القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم. أقول: هذا ما ذهب إليه ابن كثير واختاره ابن جرير. وهو قول قتادة في تفسير هذه الآية.

وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا أي: قطعوا أو خرقوا أو نحتوا أو حفروا الصَّخْرَ بِالْوادِ قال النسفي: أي: بوادي القرى أي: قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا. أقول:

وآثارهم لا زالت موجودة معروفة في منطقة العلا الحالية من الجزيرة العربية شمالي المدينة المنورة

وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ قال النسفي: أي: ذي الجنود الكثيرة، قال ابن كثير: قال العوفي عن ابن عباس: الأوتاد: الجنود الذين يشدون له أمره، أقول:

وذهب مجاهد إلى أنه وصف كذلك؛ لأنه كان يوتد الأناس بالأوتاد تعذيبا لهم. أقول:

اللفظ يحتمل الإشارة إلى تمكنه أو الإشارة إلى ظلمه، وعلى الأول يجري كلام ابن عباس، وإلى الثاني ذهب مجاهد.

الَّذِينَ أي: عاد وثمود وفرعون طَغَوْا أي: تجاوزوا الحد فِي الْبِلادِ التي كانت تحت سلطان كل منهم

فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ أي: بالكفر والقتل والظلم، قال ابن كثير: أي: تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ قال النسفي:

(هذا مجاز إيقاع العذاب بهم على أبلغ الوجوه إذ الصب يشعر بالدوام والسوط بزيادة الإيلام، أي: عذبوا عذابا مؤلما دائما) وقال ابن كثير: أي: أنزل عليهم رجزا من السماء، وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ قال النسفي: (المرصاد هو المكان الذي يترقب فيه الرصد مفعال من رصده، وهذا مثل لإرصاده العباد وأنهم لا يفوتونه، وأنه عالم بما يصدر منهم وحافظه، فيجازيهم عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر). وقال ابن كثير: (قال ابن عباس يسمع ويرى يعني:

يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي كلا بسعيه في الدنيا والأخرى وسيعرض الخلائق

<<  <  ج: ص:  >  >>