بمن كان فاسقا أي خارجا عن طاعة ربه، مكذبا رسل الله إليه. ثمّ فصّل الله تعالى في حكمهم
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية نُزُلًا أي ضيافة وكرامة وعطاء بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي بسبب أعمالهم الصالحة
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ أي ملجؤهم ومنزلهم النار كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ أي يقول لهم خزنة النار ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ دل هذا على أن المراد بالفاسق في السياق الكافر
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى أي في الدنيا من قلق واضطراب وحيرة ومحنة وعذاب أنواعه شتى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ أي دون عذاب الآخرة. أي نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي لعلهم يتوبون عن الكفر
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها أي لا أظلم ممن ذكّره الله بآياته، وبيّنها له ووضّحها، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها، وتناساها كأنه لا يعرفها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ أي سأنتقم من من فعل ذلك أشدّ الانتقام. وفي ختام المجموعة بهذه الآية دليل على أن سياق السورة الرئيسي منصبّ على موضوع الإيمان بالقرآن، ويؤكد هذا المعني أن المجموعة الثالثة والأخيرة تبتدئ بذكر إيتاء الله الكتاب لموسى، وإذ تكلمنا عن سياق المجموعة الثانية أثناء التفسير وقبله. فلنذكر المجموعة الثالثة مباشرة.