للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

يبدأ المقطع بالنهي عن الشك في ضلال من يعبدون غير الله فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ أي كل مشرك فعبادتهم باطلة وجهل وضلال ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ أي ليس لهم مستند فيما هم فيه إلا اتباع الآباء في الجهالات وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ أي حظهم من العذاب، كما وفينا آباءهم أنصباءهم غَيْرَ مَنْقُوصٍ أي كاملا. والمعنى: لا تشك بعد ما أنزل عليك من هذه القصص في سوء عاقبة عبادة هؤلاء كما أصاب أمثالهم قبلهم، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ووعيد للكافرين بالانتقام منهم، وهكذا علمتنا الآية أن نجزم بضلال الكافرين وأن نجزم بسوء عاقبتهم، وإذ مر معنا من قبل ما نفهم منه سنة الله عزّ وجل في استئصال أهل الشرك. وإذ جاء النهي بعد ذلك عن الشك في ضلالهم والوعد بعقابهم، فقد آن الأوان لنعرف سنته تعالى فيمن استجابوا لدعوة الله إذا انحرفوا

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة فَاخْتُلِفَ فِيهِ اختلف في فهمه اجتهادا في محله، واختلف في التأويل ظلما وبغيا، وحدث التفرق والخلاف وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ أن لا يعاجل المستجيبين لدعوته بالعذاب المستأصل مع كثرة الذنب والخطأ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالعذاب المستأصل لأهل الباطل، ولكن سنته في هؤلاء ليست كذلك وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ أي من العذاب، أو من التوراة فلا تأويل باطل «أي وراءه شك بالكتاب، أو مما هم فيه من الاختلاف أن يكونوا على خطأ فلا طمأنينة قلب مع الباطل والضلال مُرِيبٍ أي بالغ في الريبة

وَإِنَّ كُلًّا من المحسنين والمسيئين أي من المختلفين لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ أي إلا ليجزينهم ربك بعملهم إن خيرا فخير. وإن شرا فشر، أي إلا ليوفينهم ربك جزاء أعمالهم من إيمان وجحود وحسن وقبيح إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي عليم بأعمالهم جميعها، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها.

وهكذا علمتنا الآيات الأولى في هذا المقطع أن نجزم بضلال من يعبد غير الله، وأن نجزم بسوء عاقبته، كما علمتنا أن من كان من أهل الكتاب ففيه سنة ماضية ألا يستأصله

<<  <  ج: ص:  >  >>