إن الآية الأولى في المقطع الثاني يرد فيها قوله تعالى: وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ كما يرد ذلك في الآية الأخيرة كذلك. ومعاني المقطع كلها تدور حول القهر الإلهي، والحكمة والعلم، فذلك مضمون المقطع الثاني ولذلك كله صلته بالمحور.
لاحظ الآن ما يلي: في محور السورة من سورة البقرة كلام عن القهر الإلهي وعن الحكمة، وعن العلم: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هذا من مظاهر قهره هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً هذا من مظاهر حكمته وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فهذا حديث عن علمه. فإذا عرفنا أن مضمون المقطع الثاني من القسم الأول من سورة الأنعام يتلخص بأنه عرض لمظاهر من القهر الإلهي، ولمظاهر من علم الله وحكمته، أدركنا صلة المقطع في المحور. وسنرى صلة المقطع بما قبله وبما بعده.
[تلخيص وتقديم]
جاء المقطع الأول وفيه مقدمة، هي مقدمة السورة كلها وتتألف من آيات ثلاث.
ثمّ عرض علينا المقطع موقف الكافرين من الآيات: وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ وجاءت آيات بعد ذلك تعالج هذا الموقف. ثمّ عرض علينا المقطع اقتراحا من اقتراحات الكافرين: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وجاءت آيات تعالج وضع الكافرين جملة وانتهت بقوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ثم جاء المقطع الثاني وبدايته وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ فبعد أن أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول للكافرين ما يقول، ومن جملة ذلك:
قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ بعد ذلك يأتي المقطع الثاني وهو في سياقه الرئيسي. يتحدث كما سنرى عن القهر الإلهي، والحكمة، والعلم، ولكنّه يسير على النّسق الذي رأيناه في المقطع الأول، إذ نجد فيه عرضا لمواقف الكافرين، واقتراحاتهم، وعلاجا لها، ونكاد نجد في كل مجموعة منه عرضا لموقف من مواقف الكافرين، وعرضا لمشهد من مشاهد الآخرة.