وفي سبب نزول قوله تعالى: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً .. قال ابن كثير ناقلا عن القرظي: إن اليهود والنّصارى قالوا: اتخذ الله ولدا، وقالت العرب:
لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، وقال الصابئون: لولا أولياء الله لذلّ فأنزل الله هذه الآية: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً وفي فضل هذه الآية نقل ابن جرير عن قتادة قال: «ذكر لنا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعلّم أهله هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً .. الآية الصغير من أهله والكبير» قال ابن كثير: «وقد جاء في حديث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمّى هذه الآية آية العزّ، وفي بعض الآثار أنها ما قرئت في بيت ليلة فيصيبه سرق أو آفة والله أعلم».
[كلمة في سورة الإسراء]
هذه السورة تربي أمة، وتعطي العبرة من أمة، وتتحدث عن قبلتين للأمة التي ورثت القبلتين ببركة بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
هذه المقدمة سارية المعنى في السورة كلها، فالإيمان بعبد الله محمد صلّى الله عليه وسلّم وبما أنزل عليه، والالتزام به، والاعتراف لله تعالى بالعبودية الكاملة، والكلام عمّن أعطوا المسجد الأقصى قديما فأفسدوا وطغوا وعاقبة ذلك. وتنزيه الله عزّ وجل عما يقوله الكافرون والمشركون، وتنزيه الله عزّ وجل بالسلوك العملي للمسلم، كلها معان يجدها الإنسان في السورة.
وإذ تبدأ السورة هذه البداية ثم تجد فيها أوامر كثيرة موجّهة إلى رسول الله- عبد الله حقا- صلّى الله عليه وسلّم تستشعر أن تنفيذ هذه الأوامر هو الشكر الذي يقابل النعمة العظيمة ولذا ترى أنّ آخر آية في السورة تقول: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً فكل خطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السورة إنما هو تحقيق لمقام العبودية وأداء لواجب الشكر.