وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ أي العقول التي يعتبرون بواسطتها بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله، وأنه الفاعل المختار، وقد خص الله عزّ وجل هذه الأشياء الثلاثة بالذكر لما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية، مما لا يتعلق بغيرها قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي ما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم أي تشكرون شكرا قليلا. والمعنى: أنكم لم تعرفوا عظم هذه النعم، ووضعتموها في غير مواضعها، فلم تعملوا أبصاركم وأسماعكم في آيات الله وأفعاله، ولم تستدلوا بقلوبكم فتعرفوا المنعم ولم تشكروا له
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي خلقكم، وبثكم بالتناسل وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي يحيي النسم بالإنشاء ويميتها بالإفناء وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ المراد مجيء أحدهما عقيب الآخر، أو اختلافهما في الظلمة والنور، أو في الزيادة والنقصان، واختلافهما مختص به وحده، ولا يقدر على تصريفهما غيره عزّ وجل أَفَلا تَعْقِلُونَ أي أفليس لكم عقول تعرفون بها قدرتنا على البعث، أو تستدلون بواسطتها بالصنع على الصانع فتؤمنون
بَلْ قالُوا أي الكافرون والمشركون مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ أي الكفار قبلهم،
ثم بين ما قالوا قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا أي بالبعث مِنْ قَبْلُ أي من قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي اختلافات الأولين، فالأساطير: جمع أسطورة، والأسطورة هي الشئ المختلق.