النحاة وأنه جعلها كقوله- عزّ وجل-: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ثم روى ابن أبي حاتم عن سلمة بن سيرة قال: خطبنا معاذ رضي الله عنه بالشام فقال: أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنة والله إني لأرجو أن يدخل الله تعالى من تسبون من فارس والروم الجنة، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له- يعني أحدهم- عملا قال: أحسنت رحمك الله، أحسنت بارك الله فيك، ثم قرأ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ. وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه جعل قوله الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ أي: هم الذين يستجيبون للحق، ويتبعونه كقوله تبارك وتعالى:
إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ. وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ والمعنى الأول أظهر لقوله تعالى: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي: يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك. ولهذا روى ابن أبي حاتم عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في قوله تعالى: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال: «الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا» وقال قتادة عن إبراهيم النخعي في قوله عزّ وجل: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال: يشفعون في إخوانهم وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال: يشفعون في إخوان إخوانهم.
٨ - [كلام ابن كثير عن إنزال الغيث بمناسبة آية وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ .. ]
بمناسبة قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا قال ابن كثير: (قال قتادة: ذكرنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس. فقال عمر رضي الله عنه: مطرتم، ثم قرأ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ أي: هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله).
٩ - [كلام المؤلف والنسفي عن احتمال وجود حياة على كواكب أخرى بمناسبة الآية (٢٩)]
رأينا ما يحتمله قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ وقلنا: إنه يحتمل أن يكون في الآية إشارة إلى وجود حياة في كواكب أخرى، وإشارة إلى اجتماع سكان أرضنا بسكان هذه الكواكب إلا أنه احتمال. ومن ثم فإننا نذكر هنا كيف فهم المفسرون القدامى هذه الآية. قال ابن كثير: (يقول تعالى: وَمِنْ آياتِهِ الدالة على عظمته وقدرته العظيمة وسلطانه القاهر خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما أي: ذرأ فيهما، أي: في السموات والأرض مِنْ دابَّةٍ وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن وسائر