للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الموضوع وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يمنعونهم من جريان حكم الله عليهم، ويدفعون عذابه الذي أعدّ لهم، وينقذونهم من عذابه ووثاقه وهكذا انتهت هذه المجموعة.

فوائد: [حول أدق مواضيع المعرفة: معرفة شمول الإرادة الإلهية، وموضوع الاختيار عند الإنسان]

إن من أدق مواضيع المعرفة معرفة شمول الإرادة الإلهية، ومعرفة أن الإنسان مختار، وأنه لا تنافي بين عموم الإرادة الإلهية واختيار الإنسان، وأن صفة الإرادة لله غير أوامره وغير رضاه، فالله يأمر ولا يرضى إلا عما يأمر به، فهناك تلازم بين الرضا والأمر، وليس هناك تلازم بين الرضى والإرادة، إن كل شئ بإرادة الله، وهذا لا يتنافى مع اختيار الإنسان؛ لأن قدرة الله على وفق إرادته، وإرادته على وفق علمه، والعلم كاشف لا مجبر. فالله عزّ وجل علم أزلا أن فلانا سيفعل، وعلمه ليس مجبرا، فأراد ذلك، فأبرزه بقدرته، فكونه أراده وأبرزه بقدرته لا يعني أنه أجبر، لأنه لو لم يرده لم يكن، ولو لم يبرزه لم يوجد فهو وحده الخالق، على أن ما ذكرناه من ترتيب

الإرادة على العلم إنما هو لمجرد الإفهام، وليس هناك من ترتيب في الأزل، فالله علم أزلا وأراد أزلا.

كلمة في السياق: [حول صلة المجموعة الثانية بالمحور وبالمجموعة الثالثة]

رأينا أن محور سورة النحل هو الآية التي تنذر الكافرين في سياق الأمر بالدخول في الإسلام، وترك اتباع خطوات الشيطان، وفي هذه المجموعة التي مرّت معنا نسف لحجة من حجج الكافرين، وبيان أن كل الرسل قد بعثوا بعبادة الله واجتناب الطاغوت، والأمر بالعبادة دعوة إلى الدخول في السلم، والأمر باجتناب الطاغوت، نهي عن طاعة الشيطان واتباع خطواته، وهكذا أدّت هذه المجموعة دورها ضمن سياق السورة، وقد رأينا في مقدمة الكلام عنها محلها الخاص ضمن السياق الخاص لسورة النحل، والآن تأتي مجموعة ثالثة في هذا المقطع، وتبدأ بذكر موقف للكافرين، وهو:

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ... ثمّ تردّ عليه، فالمجموعة الجديدة تنسجم مع سياق السورة، فما دامت السورة تفصّل الآية التي تنذر الكافرين باليوم الآخر إن لم يدخلوا في الإسلام كله، فإنّ ذلك يقتضي كلاما عن هذا اليوم الذي ينكره الكافرون، لقد كانت مقدمة هذا المقطع حديثا عن المستكبرين. ثم جاءت المجموعة الأولى فذكرت موقفا لهم وردّت عليه. ثم جاءت المجموعة الثانية فذكرت موقفا وردّت عليه، ثم تأتي المجموعة الثالثة الآن فتذكر موقفا وترد عليه. وهذه هي المجموعة وتتألف من خمس آيات:

<<  <  ج: ص:  >  >>