للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن خلال ما ذكرناه يتضح لنا صلة السورتين ببعضهما البعض، وصلتهما بمحورهما من سورة البقرة.

وعلي المعنيين الثاني والثالث تبقى الصلة بين سورتي النيل وقريش قائمة. فما الصلة بين سورة قريش وبين محورها من سورة البقرة؟ بعد الجزم بأن محور سورة قريش هو نفسه محور سورتي الفيل والهمزة بدليل أن سورة الماعون ستفصل في الكلام عن المنافقين، أي ستفصل في الفقرة الثالثة من مقدمة سورة البقرة، فلم يبق إلا أن تكون سورة قريش تفصل في الفقرة الثانية من مقدمة سورة البقرة. أقول: هناك صلة بين سورة قريش ومحورها من سورة البقرة من حيثية دقيقة جدا: محور السورة هو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ هاتان الآيتان تذكران أن هناك كافرين لا ينفع معهم الإنذار، وهذه سورة قريش تنادي قريشا للإيمان، فكأن هذا يشير إلى أن قريشا مظنة خير، وأن كفارها عامة لم يصلوا إلى الحد الذي لم يعد ينفع معهم إنذار، ولذلك نودوا وخوطبوا وطولبوا، وجاءت الأحداث بعد ذلك، وإذا بقريش تصبح كلها مسلمة تقريبا. من هذا الربط بين سورة قريش ومحورها تدرك مظهرا من مظاهر الإعجاز في هذا القرآن حيث إن معانيه تتكامل ولا تتناقض وتأتي الأحداث فتصدقها.

ونرجو أن نكون بهذا والذي قبله قد ربطنا بين سورة قريش ومحورها على كل الأقوال في تفسيرها.

[فوائد]

١ - قدم ابن كثير لسورة قريش بقوله: (ذكر حديث غريب في فضلها) روى البيهقي في كتاب الخلافيات عن أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضل الله قريشا بسبع خلال: إني منهم، وإن النبوة فيهم، والحجابة والسقاية فيهم، وأن الله نصرهم على الفيل، وإنهم عبدوا الله عزّ وجل عشر سنين لا يعبده غيرهم، وإن الله أنزل فيهم سورة من القرآن- ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>