تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي يعلم الموجود فيهما إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أي في اللوح المحفوظ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ أي علمه بجميع ذلك يسير.
[نقل]
بمناسبة قوله تعالى لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ .... ننقل ما ذكره الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابة (الأركان الأربعة) عن بقايا ما هو موجود عند الأمم الأخرى من المناسك، قال:
«الحج والزيارة» في الديانات القديمة، سماتهما وفوارقهما:
لم تعرف أمة ولا ديانة من أمم البشر ودياناتهم، إلا وعندها أمكنة مقدسة تشد إليها الرحال، وتحث فيها المطي، ولها طرق وعادات وتقاليد، وآداب لهذا السفر الديني «والزيارة المقدسة» وذلك لأن هذا العمل إجابة لحاكم الطبيعة، وتلبية لنداء الضمير، فالإنسان كما قلنا لم يزل باحثا عن شئ يراه بعينه، ويوجه إليه أشواقه، ويقضي به حنينه، ويشبع به رغبته الملحة في التعظيم والدنو، ولم يزل باحثا كذلك عن عمل طويل شاق يكفر به عن ذنوبه الجسام، وسقطاته الفاضحة، ليتغلب به على وخز الضمير، وتأنيب الحس الديني ولائمة المجتمع، ولم يزل في حاجة إلى مشهد ديني عظيم، يلتقي فيه على الأخوة الدينية، والعاطفة الروحية، لذلك لم تخل أمة من الأمم، ولا دور من أدوار المدنية من أسفار دينية، ومناسك مشهورة، ومشاهد مقدسة يجتمع فيها الناس، ويذبحون الذبائح، ويقربون القرابين لله تعالى، أو لآلهتهم ومعبوداتهم، وقد قال الله تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (الحج: ٣٤) وقال: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (الحج: ٦٧) وقد كشفت الآثار وعملية الحفر عن هذه المناسك والمشاهد في المدنيات البائدة، والمدن المطمورة، وتحدث التاريخ عن وجودها، وعن بعض أخبارها، ولكن الاهتداء إلى حقيقتها وتاريخها، والأحكام والآداب التي تتعلق بها صعب جدا، فقد لا يرجع الباحث في ذلك، إلا بقياسات وأخبار متقطعة مبتورة، لا يستطيع أن يكون بها فكرة كاملة، أو صورة واضحة: