سقياها فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم
فَكَذَّبُوهُ أي: فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا فَعَقَرُوها أي: فعقروا الناقة، والعاقر واحد ولكن لرضاهم به اعتبروا جميعا عاقرين، وكذلك الأمر في كل من يرضى عن معصية؛ فإنه يكون شريكا فيها وإن لم يمارسها. قال ابن كثير في الآية: أي: كذبوه فيما جاءهم به فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم وحجة عليهم.
فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ أي: فغضب عليهم فأهلكهم هلاك استئصال بِذَنْبِهِمْ أي: بسبب ذنبهم وهو تكذيبهم الرسول وعقرهم الناقة فَسَوَّاها. قال النسفي:
أي: فسوى الدمدمة عليهم، لم يفلت منها صغيرهم ولا كبيرهم، وقال ابن كثير: أي:
فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء
وَلا يَخافُ عُقْباها قال النسفي: أي:
ولا يخاف الله عاقبة هذه الفعلة أي: فعل ذلك غير خائف أن تلحقه تبعة من أحد، كما يخاف من يعاقب من الملوك. وقال ابن كثير: قال ابن عباس: لا يخاف الله من أحد تبعة.
[كلمة في السياق]
١ - رأينا في هذه الفقرة نموذجا على الفجور وعلى تدسية النفس وعلى خسران أصحاب ذلك ولذلك صلته بسياق السورة الخاص.
٢ - عرفنا من الفقرة أن التكذيب أثر الطغيان، وأن التكذيب ينبثق عنه من الشرور والآثام والفظائع الكبير والكثير فعلة المشكلات طغيان النفس.
٣ - في مقدمة سورة البقرة يأتي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
ومن الفقرة الأخيرة عرفنا أن الختم على القلوب هو عقوبة على فعل العبد، فهؤلاء ثمود وهم نموذج على الكفر الخالص الذي لا ينفع معه إنذار. هؤلاء طغيانهم جرهم إلى التكذيب وتكذيبهم جرهم إلى الاعتداء على ناقة الله ومن ثم ندرك سببا من أسباب ختم الله عزّ وجل على قلوب الكافرين.
مما مر عرفنا سياق السورة الخاص، وصلتها بمحورها وصلتها بما قبلها وما بعدها.