للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختبرنا بعضكم ببعض، وبلونا بعضكم ببعض، فهذا رسول مكلف بالإنذار، وهذا مكلف بالاتباع، وهذا عالم وهذا جاهل، وهذا سفيه وهذا حليم، وهذا غني وهذا فقير، وهذا ضعيف، وكل مكلف بأن يقيم حكم الله، والصبر هو رفيق التكليف، ومن ثم قال تعالى أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً أي عالما بالصواب فيما يبتلي به، أو بمن يصبر على القيام بما كلف به، وهكذا أنهى الله عزّ وجل الرد على قولهم:

وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ وكان ذلك على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى خاطبت رسول الله صلى الله عليه وسلم معجبة من كلامهم، ومسلية له، والمرحلة الثانية: ذكرت الأصول التي انبثق عنها كلامهم، والمرحلة الثالثة: ذكر فيها أن كل رسول بعثه الله للبشر كان بشرا يأكل الطعام، ثم بينت الحكمة في ذلك وأنها الابتلاء، وبينت أن الصابر وحده هو الذي ينجح في الامتحان.

[كلمة في السياق]

أرسل الله رسولا، وأنزل عليه كتابا، وأمر بالإنذار في وقت لم يبق فيه توحيد، فوقف الكافرون من الكتاب موقفا، ووقفوا من الرسول موقفا، وقد سجل الله الموقف الأول، ورد عليه وسجل الموقف الثاني ورد عليه، وكل ذلك مرتبط بمحور السورة من سورة البقرة كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ والآن تسجل السورة موقفا جديدا للكافرين من الرسول والقرآن والإنذار والتوحيد، وقبل أن نعرض هذا الموقف فلنذكر بعض الفوائد حول ما مر.

[فوائد]

١ - في قوله تعالى وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً قال ابن كثير: (وقال محمد ابن إسحاق في قوله تعالى وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ قال: يقول الله لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت، ولكني قد أردت أن ابتلي العباد بهم، وأبتليهم بهم، وفي صحيح مسلم عن عياض بن حماد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى (إني مبتليك ومبتل بك) وفي المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة» وفي الصحيح «أنه عليه أفضل الصلاة والسلام خير بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا رسولا، فاختار أن يكون عبدا رسولا».

<<  <  ج: ص:  >  >>