تحدث الألوسي عن وجه مناسبة سورة الأنفال للأعراف فقال:«ووجه مناسبتها لسورة الأعراف أن فيها «وأمر بالعرف» وفي هذه كثير من أفراد المأمور به، وفي تلك ذكر قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، وفي هذه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ما جرى بينه وبين قومه، وقد فصل سبحانه وتعالى في تلك قصص آل فرعون وأضرابهم وما حل بهم، وأجمل في هذه ذلك فقال سبحانه وتعالى كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ وأشار هناك إلى سوء زعم الكفرة في القرآن بقوله تعالى وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها وصرح سبحانه وتعالى بذلك هنا بقوله جل وعلا وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وبين جل شأنه فيما تقدم أن القرآن هدى ورحمة لقوم يؤمنون، وأردف سبحانه وتعالى ذلك بالأمر بالاستماع له، والأمر بذكره تعالى، وهنا بين جل وعلا حال المؤمنين عند تلاوته، وحالهم إذا ذكر الله تبارك اسمه بقوله عزّ من قائل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إلى غير ذلك من المناسبات، والظاهر أن وضعها هنا توقيفي وكذا وضع براءة بعدها وهما من هذه الحيثية كسائر السور وإلى ذلك ذهب غير واحد كما مر في المقدمات).
وتحدث الألوسي كذلك عن وجه مناسبة سورة [براءة] للأنفال فقال: (ووجه مناسبتها للأنفال أن في الأولى قسمة الغنائم وجعل خمسها لخمسة أصناف- على ما علمت- وفي هذه قسمة الصدقات وجعلها لثمانية أصناف- على ما ستعلم إن شاء الله تعالى- وفي الأولى أيضا ذكر العهود، وهنا نبذها، وأنه تعالى أمر في الأولى بالإعداد فقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ونعى هنا على المنافقين عدم الإعداد بقوله عزّ وجل: وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً. وأنه سبحانه ختم الأولى بإيجاب أن يوالي المؤمنين بعضهم بعضا، وأن يكونوا منقطعين عن الكفار بالكلية، وصرح جل شأنه في هذه بهذا المعنى بقوله تبارك وتعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الخ إلى غير ذلك من وجوه المناسبة).
وقال الألوسي: في الأنفال وبراءة: «وعن قتادة، وغيره أنها (سورة التوبة) مع الأنفال سورة واحدة ولهذا لم تكتب بينهما البسملة وقيل: في وجه عدم كتابتها أن