لذلك تكون من باب الفرائض، من التكوين الجهادي إلى التنظيم المناسب الذي يقيم دولة الإسلام في كل قطر إسلامي، إلى وحدة الأقطار الإسلامية إلى التصنيع والتخطيط إلى التعبئة الشاملة.
أخرج ابن أبي حاتم عن جندب بن عبد الله: أن رسول صلى الله عليه وسلم بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيده بن الجراح. فلما ذهب ينطلق، بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسه فبعث عليهم مكانه عبد الله بن جحش، وكتب له كتابا، وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا. وقال:«لا تكرهن أحدا على السير معك من أصحابك». فلما قرأ الكتاب، استرجع وقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله. فخبرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب. فرجع رجلان وبقي بقيتهم. فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه.
ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب، أو من جمادى. فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام. فأنزل الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ...
[المعنى العام]
لما أكثر المشركون في تعيير المسلمين بالقتل في الشهر الحرام، وإذ اشتد ذلك على المسلمين. وخاصة على من شاركوا في القتل، أنزل الله عزّ وجل مبينا أن الصد عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام منه، وأن الكفر بالله أكبر من القتل في الشهر الحرام. وأن فتنة المسلم عن دينه حتى يرد إلى الكفر أكبر من القتل. فليكف المشركون عن استغلال هذه الحادثة، وليطمئن المسلمون. ثم بين الله عزّ وجل حقيقة: وهي أن أهل الكفر مقيمون على أخبث الكيد، وأعظمه لأهل الإسلام. وهم مستمرون في قتال أهل الإسلام حتى يرتدوا عن الإسلام. وفي هذا كله بيان لحكمة القتال إذ بدون قتال تكون الفتنة عن دين الله، ويكون استحلال كل