للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفتح هذا القلب لتدبّر الحياة والموت والعمليات الدائبة في النشوء والدثور. وترتد به إلى نشأة الإنسان الأولى، وإلى ما ركب في فطرته من ميول ونوازع، وقوى وطاقات، وما يقوم بين زوجيه من علائق وروابط، وفق تلك الميول والنوازع وهذه القوى والطاقات. وتوجهه إلى آيات الله في خلق السماوات والأرض واختلاف الألسنة والألوان وفقا لاختلاف البيئة والمكان. وإلى تدبّر ما يعتري الكائن البشري من نوم ويقظة وراحة وكد. وإلى ما يعتري الكون من ظواهر البرق والمطر، وما تثيره في نفوس البشر من خوف وطمع، وفي بنية الأرض من حياة وازدهار. وتمضي هذه الجولة العجيبة في النهاية بالقلب البشري إلى قيام السماوات والأرض في هذا كله بأمر الله؛ وإلى توجه من في السماوات والأرض كلهم لله. وتنتهي بالحقيقة التي تتجلى حينئذ واضحة هينة يسيرة: إن الله هو يبدئ ويعيد. والإعادة أهون عليه. وله

المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم).

وهذا أوان عرض المجموعة الثانية من المقطع الأول.

*** تفسير المجموعة الثانية

وَمِنْ آياتِهِ الدالة على عظمته وكمال قدرته أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ أنه خلق أباكم آدم من تراب، وخلقكم من تراب إذ خلقكم من غذاء، وخلق الغذاء من تراب ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ أي تتصرّفون فيما فيه معاشكم

وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها أي حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام، والنّساء بعدها كذلك خلقن من أصلاب الرجال، أو من شكل أنفسكم وجنسها لا من جنس آخر، وذلك لما بين الجنس الواحد من الإلف والسكون، وما بين الجنسين المختلفين من التنافر وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً قال النسفي:

التوادّ والتراحم بسبب الزواج، وعن الحسن: المودة كناية عن الجماع والرحمة كناية عن الولد وقيل: المودة للشابّة والرحمة للعجوز. وقيل: المودة والرحمة من الله.

والفرك من الشيطان: أي بغض المرأة زوجها، وبغض الزوج المرأة إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فيعلمون بتفكّرهم أن قوام الدنيا بوجود التناسل، والتناسل يحتاج إلى عواطف وأنّ وجود هذا وتدبيره لا يمكن أن يكون إلا بالله

وَمِنْ آياتِهِ الدالة على قدرته العظيمة خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ أي

<<  <  ج: ص:  >  >>