فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد؟ أو أنهما سيأتيان؟ فيكون الدخان علامة من علامات الساعة، والبطشة الكبرى يوم القيامة؟ قولان للمفسرين على رأس القائلين بالأول ابن مسعود، وعلى رأس القائلين بالثاني ابن عباس، وقد رجّح ابن كثير قول ابن عباس وسننقل تحقيقه في الفوائد.
كلمة في السياق:[حول إثبات جحود الكافرين المستمر حتى بعد ظهور أشراط الساعة]
أمام الشك الذي عليه الكافرون واللعب الذي هو حالهم وشأنهم ودأبهم أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلم بالارتقاب، وهو أمر لكل مسلم، أن يرتقب أشراط الساعة والساعة.
ومن السياق نفهم أنه حتى أشراط الساعة إذا ظهرت فإن هؤلاء لا يؤمنون بل يعدون بالإيمان. ثم إذا زالت الشدّة ينكصون، مما يشير إلى أن هؤلاء لم يعد منهم ولا فيهم فائدة ولا أمل، فالغفلة عندهم بلغت الغاية، ومن ثم فليس أمام المسلم إلا أن ينتظر عذابهم في الدنيا وفي الآخرة. وبعد أن وضّح الله عزّ وجل هذا فإنه يذكر من نبأ موسى وفرعون وقومهما ممّا يشير إلى وحدة موقف الكافرين في كل عصر، ويبشّر بالعاقبة رسوله صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين فقال:
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ أي: قبل هؤلاء الكافرين. قال النسفي: أي فعلنا بهم فعل المختبر ليظهر منهم ما كان باطنا. قَوْمَ فِرْعَوْنَ قال ابن كثير: يقول تعالى: ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون وهم قبط مصر. وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ على الله وعلى عباده المؤمنين، أو كريم في نفسه، حسيب، نسيب؛ لأن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا من سراة قومه وكرامهم، والمراد به موسى عليه السلام
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ أي: قال موسى لفرعون وقومه: سلّموا إليّ عباد الله وهم بنوا إسرائيل، يقول: أدوهم إليّ وأرسلوهم معي إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ في رسالتي غير متّهم.
قال ابن كثير: أي: مأمون على ما أبلغكموه.
وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ أي:
لا تستكبروا على الله بالاستهانة برسوله ووحيه، أو لا تستكبروا على نبي الله. قال ابن كثير: أي: لا تستكبروا عن اتّباع آياته والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: بحجة واضحة تدل على أني نبي، وهي ما أرسله الله تعالى به من الآيات البيّنات والأدلة القاطعات
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ أي أن تقتلوني رجما بالحجارة ومعناه: أنّه عائذ بربه، متّكل على أنّه يعصمه منهم ومن كيدهم