للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه ابن أبي حاتم. وهذا الأثر عن ابن عباس يؤكد أن هناك فهما وحيدا لآية وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها هو الذي تدل عليه النصوص والآثار، وقد رد الألوسي على بعض المتحذلقين في هذا المقام فقال:

«والقول بأنه: أي فائدة في خلقها من ضلع والله تعالى قادر على أن يخلقها من تراب؟

يقال عليه: إن فائدة ذلك سوى الحكمة التي خفيت عنا إظهار أنه سبحانه قادر على أن يخلق حيا من حي، لا على سبيل التوالد- كما أنه قادر على أن يخلق حيا من جماد كذلك- ولو كانت القدرة على الخلق من التراب مانعة عن الخلق من غيره لعدم الفائدة، لخلق الجميع من التراب بلا واسطة لأنه سبحانه- كما أنه قادر على خلق آدم من التراب- هو قادر على خلق سائر أفراد الإنسان منه أيضا، فما هو جوابكم عن خلق الناس بعضهم من بعض مع القدرة على خلقهم كخلق آدم عليه السلام فهو جوابنا عن خلق حواء من آدم مع القدرة على خلقها من تراب» اهـ.

٣ - وبمناسبة ذكر الأرحام في قوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ يقول الألوسي:

وأخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح «إن من أربى الربا الاستطالة بغير حق، وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن فمن قطعها حرم الله تعالى عليه الجنة».

والأخبار في هذا الباب كثيرة، والمراد بالرحم: الأرقاب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نسب وإن بعد، ويطلق على الأقارب من جهة النساء، وتخصيصه في باب الصلة بمن ينتهي إلى رحم الأم منقطع عن القبول إذ قد ورد الأمر بالإحسان إلى الأقارب مطلقا.

[كلمة في السياق]

قلنا إن محور سورة النساء من البقرة الآيات الخمس الأولى من مقطع الطريقين فلنلاحظ: أن الآية الأولى من المحور هي يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. وأن الآية الأولى في سورة النساء بدأت ب يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً ألا ترى التشابه كاملا بين البدايتين، مع زيادة تفصيل في سورة النساء في حيثية من الحيثيات، حتى الألفاظ تكاد تكون متشابهة يا أَيُّهَا النَّاسُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>