للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلُوطاً أي واذكر لوطا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي الفعلة البالغة في القبح وهي: اللواطة ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ هذه جملة مقرّرة لفحاشة تلك الفعلة، كأن قائلا قال: لم كانت فاحشة؟ فقيل: لأن أحدا قبلهم لم يقدم عليها

أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ أي بالقتل وأخذ المال، كما هو عمل قطاع الطريق وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ أي مجلسكم. ولا يقال للمجلس ناد إلا ما دام فيه أهله الْمُنْكَرَ أي تفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسكم التي تجتمعون فيها، لا ينكر بعضكم على بعض شيئا. واختلفت أقوال المفسرين في هذا المنكر الذي يفعلونه في ناديهم. قال النسفي في تفسيره:

(أي المضارطة، والمجامعة، والسباب، والفحش في المزاح، والخذف بالحصى، ومضغ العلك، والفرقعة ... ). فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ أي فيما تعدنا من نزول العذاب. وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم. ولهذا استنصر عليهم نبي الله ف:

قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بإنزال العذاب عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ الذين يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى أي بالبشارة لإبراهيم بالولد والنّافلة يعني: إسحاق ويعقوب قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ أي قرية سدوم إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ هذا يفيد أن الظلم قد استمر منهم في الأيام السالفة، وهم عليه مصرّون، وظلمهم كفرهم، وأنواع معاصيهم

قالَ إبراهيم إِنَّ فِيها لُوطاً أي أتهلكونهم وفيهم من هو برئ من الظلم وهو لوط قالُوا أي الملائكة نَحْنُ أَعْلَمُ منك بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي من الهالكين لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم وأفعالهم، ثم ساروا من عنده فدخلوا على لوط في صورة شبّان حسان

وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ أي ساءه مجيئهم. والتركيب يفيد أنه بمجرد أن أحسّ بمجيئهم فاجأته المساءة، من غير ريث؛ خيفة عليهم من قومه أن يتناولوهم بالفجور وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أي وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه، أي طاقته. والمعنى: أنّه اغتمّ بأمرهم، فهو إن أضافهم خاف عليهم من قومه، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ أي وننجي أهلك إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي من الهالكين

إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً أي عذابا مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ أي بفسقهم وخروجهم عن طاعة الله ورسوله

<<  <  ج: ص:  >  >>