للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام ما نرى به مظاهر علم الله: وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ في قصة إبراهيم وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ في قصة داود وسليمان فذكر قصص الأنبياء في السياق يخدم مقدمات السورة كلها، إنك ترى أن كل ما ورد بعد الآيات الخمس الأولى في السورة إنما هو خدمة لمضامين هذه الآيات الخمس فإذا أدركت صلة الآيات الخمس الأولى بمحور السورة من سورة البقرة أدركت صلة بقية السورة بهذا المحور فإذا اتضحت صلة الفقرة الثانية من المجموعة السابعة بسياق السورة الخاص والعام فلنر بعض الفوائد المتعلقة بها

[الفوائد]

١ - لخص النسفي قصة نفش الغنم في الحرث، وحكم كل من سليمان وداود عليهما السلام ومكان هذا الحكم في شريعتنا بما يلي قال: (وقصته أن الغنم رعت الحرث وأفسدته بلا راع ليلا فتحاكما إلى داود، فحكم بالغنم لأهل الحرث، وقد استوت قيمتاهما أي قيمة الغنم كانت على قدر النقصان من الحرث، فقال سليمان- وهو ابن إحدى عشرة سنة:- غير هذا أرفق بالفريقين فعزم عليه ليحكمن، فقال:

أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها، والحرث إلى رب الغنم حتى يصلح الحرث، ويعود كهيئته يوم أفسد، ثم يترادان، فقال: القضاء ما قضيت، وأمضى الحكم بذلك، وكان ذلك باجتهاد منهما، وكان ذلك في شريعتهم، فأما في شريعتنا فلا ضمان عند أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم بالليل أو بالنهار، إلا أن يكون مع البهيمة سائق أو قائد، وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجب الضمان بالليل، وقال الجصاص: إنما ضمنوا لأنهم أرسلوها، ونسخ الضمان بقوله عليه السلام «العجماء جبار» وقال مجاهد: كان هذا صلحا، وما فعله داود كان حكما والصلح خير).

٢ - بمناسبة قوله تعالى فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ذكر ابن كثير ما يلي: قال: (روى ابن أبي حاتم ... عن حميد أن إياس بن معاوية لما استقضي أتاه الحسن فبكى، قال: ما يبكيك؟ قال: يا أبا سعيد بلغني أن القضاة رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار، ورجل مال به الهوى فهو في النار، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة، فقال الحسن البصري: إن فيما قص الله من نبأ داود وسليمان عليهما السلام والأنبياء، حكما يرد هؤلاء الناس عن قولهم، قال الله تعالى وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>