بدأت هذه السورة وهذه المجموعة بقوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال النسفي:
(وقد نقيضة لما، هي (أي قد) تثبت المتوقع، ولما تنفيه، وكان المؤمنون يتوقعون مثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم، فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه) انظر كلام النسفي هذا الذي فهمه من مطلق اللغة، لترى أن ما فهمناه نحن من خلال السياق صحيح من أن محور هذه الآيات هو قوله تعالى من سورة البقرة:
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ فالمجموعة فصلت، وبشرت، فصلت أخلاق الإيمان، وبينت أمهات الأعمال الصالحة، وبشرت لمن اجتمع له ذلك بالفردوس، لاحظ صلة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ بقوله تعالى من المحور وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا* ولاحظ صلة قوله تعالى هُمْ فِيها خالِدُونَ بقوله تعالى هناك وَهُمْ فِيها خالِدُونَ ولاحظ صلة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ بقوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ* ولاحظ صلة قوله تعالى عن المؤمنين وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ بقوله تعالى عن الفاسقين: وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ... * ولاحظ صلة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ بقوله تعالى عن الكافرين في المحور ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا* ولاحظ صلة الصلاة والزكاة بموضوع الإيمان والعمل الصالح، إن هذه المجموعة من سورة المؤمنون تفصل في ثلاث آيات من محور
السورة في البقرة، وسنرى أن المجموعة اللاحقة تفصل في الآيتين الأخيرتين من المحور، فمحور سورة المؤمنون- كما ذكرنا- هو الآيات الخمس من سورة البقرة المبدوءة بقوله تعالى وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ....
[نقول]
قال الألوسي عند قوله تعالى الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (والخشوع:
التذلل مع خوف، وسكون للجوارح. ولذا قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن جرير وغيره (خاشعون): خائفون ساكنون. وعن مجاهد أنه هنا غض البصر، وخفض الجناح، وقال مسلم بن يسار وقتادة: تنكيس الرأس، وعن علي كرم الله تعالى