للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في المجموعة الخامسة من قسم المفصل]

هذه المجموعة تفصل بانتظام ما فصلته سور خمس من قسم الطوال، فسورة التغابن تفصل في محور سورة آل عمران، وسورة الطلاق تفصل في محور سورة النساء حتى لتسمى سورة النساء الصغرى، وسورة التحريم تفصل في محور سورة المائدة، وسورة الملك تفصل في محور سورة الأنعام، وسورة القلم تفصل في محور سورة الأعراف، وسنرى أدلة ذلك كله، ولعل في هذا مقنعا أن في هذا القرآن نوعا من الترتيب خاصا.

...

وبهذه المجموعة تنتهي زمرة المسبحات، فآخر سورة في المسبحات هي سورة التغابن، وعلى هذا فالمسبحات وزعت على أربع مجموعات، كل منها أكملت الأخرى، وجاءت المجموعة الأخيرة فأكملت البناء الذي أسست له المجموعات الثلاث من المسبحات، بل والمجموعة الأولى من قسم المفصل، إذ لا نجد سورة مبدوءة ب (يا أيها) في كل ما مر معنا من قسم المفصل إلا في هذه المجموعة.

...

وهكذا نجد في قسم المفصل تفصيلا بعد تفصيل، وفي كل مرة نجد تذكيرا ومعاني جديدة من خلال الكلمة المفردة والآية المفردة، والمجموعة والفقرة والمقطع والسورة، والسياق الخاص والعام، بشكل لا تنتهي عجائبه، ولا تنتهي فوائده، وكل يأخذ من هذه البحار على قدر استعداده، ومع هذا كله فإن لهذا القرآن خصائص غير هذه، إنه كلام الله ومجلى صفاته، ولذلك فقد وصف الله عزّ وجل هذا القرآن ببعض ما وصف به ذاته، فوصفه بالعلو والحكمة فقال: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ومن أسماء الله العلي والحكيم، ووصفه بالعزة فقال: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ والله عزّ وجل من أسمائه العزيز، ومن عزة هذا القرآن أنه لا يصل إلى قلب قذر وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ* ومن عزته أنه لا يبقى على إهمال، يقول عليه الصلاة والسلام:

«تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها» فكتاب هذا شأنه هل يمكن أن يتصور عاقل أنه بشري المصدر، إن الذي يتصور أن هذا القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم، ومن إنشائه وتأليفه مع كون هذا القرآن هذا شأنه يعطي محمدا من الخصائص ما يستحيل أن تتجمع في كل البشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>