يَوْمِ الظُّلَّةِ الآية قال: بعث الله عليهم رعدا وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابة، فأظلتهم من الشمس، فوجدوا لها بردا ولذة، فنادى بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم نارا. قال ابن عباس فذلك عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أي العزيز في انتقامه من الكافرين، الرحيم بعباده المؤمنين).
٣ - لاحظنا أنه من أول السورة حتى هنا قد تكرر في آخر كل مجموعة قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* كما رأينا تشابها في بدايات المجموعات: الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة. وقد قال النسفي فى حكمة ذلك ما يلي:(وقد كرر في هذه السورة في أول قصة وآخرها ما قرر تقريرا لمعانيها في الصدور ليكون أبلغ في الوعظ والزجر، ولأن كل قصة منها كتنزيل برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت جديرة بأن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختتم بما اختتمت به).
[كلمة في السياق]
ورد معنا حتى الآن في السورة ثمان مجموعات، ولم يبق عندنا إلا الخاتمة التي سيقت المجموعات الثمانية قبلها لتصب في خدمتها، إذ الخاتمة تتحدث عن المعجزة القرآنية، وتحذر من الإعراض عنها، ومن عصيان الرسول الذي أنزلت عليه، كما تتحدث عن بعض واجبات هذا الرسول، وعن نزاهته من أن يكون كاذبا. فالمجموعات السابقة لفتت النظر إلى آيات من آيات الله تدل عليه، وتشهد على عزته ورحمته، وفيها تقرير لرسالة المرسلين الذين منهم محمد صلى الله عليه وسلم وفيها تحذير من مخالفة المرسلين الذين منهم محمد صلى الله عليه وسلم. فإذا اتضح التقرير والتحذير من خلال عرض آيات الله في الكون وفي التاريخ، يتجه السياق الآن للكلام المباشر عن القرآن والرسول، إذ الوصول إلى الكلام عن ذلك هو المقصود الأكبر من السياق في السورة، التي تفصل قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وقد تلا الله عزّ وجل علينا في كل مجموعة آية من آياته وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ودليل ذلك هذه الآيات المنزلة عليك، فليحذر مكذبوك ومخالفوك، وتأمل مطلع الخاتمة وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ* أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ