للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الزموا إصلاح أنفسكم أي: عليكم أنفسكم وما كلّفتم من إصلاحها لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. أي: لا يضرّكم الضلّال عن دينكم إذا كنتم مهتدين وليس المراد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن تركهما مع القدرة عليهما لا يجوز إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. أي: المهتدون والضالون راجعون إلى الله، وهو سيخبر الجميع بأعمالهم، ويحاسبهم عليها، ثم يجزي الجميع على أعمالهم.

فائدة: [الفهم الصحيح لقوله تعالى ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ .. ]

من المهم جدا أن نعرف فهم السلف رضي الله عنهم لهذه الآية، فإنّ فهمهم لها عاصم من الغلو والخطأ: روى الإمام أحمد رحمه الله ... أنّ أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أيّها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه أوشك الله- عزّ وجل- أن يعمّهم بعقابه»، وقال أبو بكر: يا أيها الناس إياكم والكذب، فإن الكذب مجانب الإيمان. وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه. وروى أبو عيسى الترمذي ... عن أبي أمية الشعباني قال:

أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أيّة آية، قلت:

قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحّا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع العوام، فإنّ من ورائكم أياما، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهنّ مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم» وزاد بعضهم: قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم». ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح.

وقال عبد الرزاق ... أن ابن مسعود رضي الله عنه سأله رجل عن قول الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>