وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ قال النسفي: خصا بالذكر لأنهما أبوان للأنبياء عليهم السلام وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا أي: في أولادهما النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ أي:
الوحي فَمِنْهُمْ أي: فمن الذرية أو المرسل إليهم بدليل ذكر الإرسال والمرسلين مُهْتَدٍ أي: فمنهم من اهتدى باتباع الرسل وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي:
خارجون عن الطاعة
ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ أي: على آثار نوح وإبراهيم ومن مضى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بِرُسُلِنا اللاحقين لهم وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أي: وأتبعنا بعيسى ابن مريم وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وهو الكتاب الذي أوحاه الله إليه وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهم الحواريون ومن على سنتهم رَأْفَةً أي: رقة وهي الخشية وَرَحْمَةً أي: بالخلق أو مودة ولينا وتعطفا بإخوانهم وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها أي: ابتدعتها أمة النصارى، قال النسفي: هي ترهبهم في الجبال فارين من الفتنة في الدين، مخلصين أنفسهم للعبادة ... وانتصابها بفعل مضمر يفسره الظاهر تقديره: وابتدعوا رهبانية ابتدعوها أي: أخرجوها من عند أنفسهم ونذروها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أي: لم نفرضها نحن عليهم إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ قال النسفي: أي: ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله، وذكر ابن كثير قولا آخر في معناها: ما كتبنا عليهم ذلك (أي: الرهبانية) إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها قال النسفي: كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد مع الله لا يحل نكثه، قال ابن كثير:(أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام وهذا ذم لهم من وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عزّ وجل) فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ أي: أهل الرأفة والرحمة الذين اتبعوا عيسى عليه السلام، أو الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي: خارجون عن أمر الله عزّ وجل.
...
[كلمة في السياق]
يلاحظ أن الآية الأولى في هذه الفقرة وهي آية أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ... قد