للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتين فقط في الأقسام الخمسة، فيأتي قبل القسم الأول، ويأتي القسم الثاني معطوفا عليه بالفاء، ثم يأتي القسم الثالث مبدوءا بالواو، ويأتي القسمان الرابع والخامس معطوفين عليه بالفاء، فكأن عندنا مرحلتين في القسم، المرحلة الأولى قسمان، والمرحلة الثانية ثلاثة أقسام، وجواب الأقسام كلها واحد، ومن ثم فالمرحلة الأولى من

الأقسام انتهت بالقسمين السابقين، وقد رأينا المناسبة بينهما، فلنر الآن المرحلة الثانية من القسم.

وَالنَّاشِراتِ نَشْراً جزم النسفي القول أن المراد بهذا القسم الملائكة فقال:

(أقسم سبحانه وتعالى بطوائف من الملائكة أرسلهن بأمره- كما جاء في القسم الأول من السورة- وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي، أو نشرن الشرائع في الأرض، أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أو حين).

فَالْفارِقاتِ فَرْقاً* فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً* عُذْراً أَوْ نُذْراً قال ابن كثير: (يعني الملائكة: قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري، ولا خلاف هاهنا، فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل، والهدى والغي، والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق، وإنذار لهم بعقاب الله إن خالفوا أمره)، وفسر النسفي الآيات الثلاث بقوله عن الملائكة:

(ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الأنبياء عليهم السلام عذرا للمحقين، أو نذرا للمبطلين)

إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ هذا جواب القسم. قال النسفي:

(أي: إن الذي توعدونه من مجئ يوم القيامة لواقع أي: لكائن نازل لا ريب فيه)، وقال ابن كثير في الآية: (هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام، أي: ما وعدتم به من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبعث الأجساد، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، إن هذا كله لواقع. إنه لكائن لا محالة).

[كلمة في السياق]

١ - الراجح أنه من بين الأقسام الخمسة لا يوجد إلا قوله تعالى: فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً في غير الملائكة ورأينا المناسبة بين هذا القسم والذي قبله، فهو نوع تشبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>