يلاحظ أن المقطع الأول من سورة الأنعام وردت فيه كلمة (قل) كثيرا، وكذلك هذا المقطع في جولتيه، مما يشير إلى أن الحوار مع الكافرين شئ رئيسي في سياق هذه السورة وصلة ذلك بمحور السورة كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ لا تخفى، فالمحور فيه إقامة حجة على الكافرين، وفي هذه السّورة تقام الحجة على الكافرين مرة بعد مرة:
كانت الآية الثانية من الجولة التي مرّت معنا: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ... ثم بعد آيات جاء قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ .... ثمّ بعد آيات جاء قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ ثم تأتي بعدها مباشرة قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً.
ثم جاء بعد آيتين قوله تعالى: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ ...
ثم جاءت بعد خمس آيات ثلاث آيات كلّ منها مبدوء بقوله تعالى (قل).
وسنرى في الجولة الثانية من المقطع كيف يتكرّر الأمر (قل) كذلك
إن السّورة حوار شامل مع الكافرين في كل الاتجاهات الرئيسية للكفر، سواء كانت نظرية، أو كانت عملية، ولذلك فإن على الداعية إلى الله أن يتملّى حججها ويعرف كيف يقرع بها.
[كلمة في السياق]
انتهت معنا الجولة الأولى من المقطع الثاني بعد أن ختمت بالتذكير بالموت الأصغر والموت الأكبر، وكلاهما مظهر من مظاهر قهر الله- عزّ وجل- وذلك يشير إلى صلة خاتمة الجولة ببدايتها وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ. والمقطع نفسه لا يزال مستمرا وذلك أننا نعلم في علم البلاغة أنه إذا طال الفصل حسن التكرار، وقد بدأ