للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوا رسولهم الذي بعثه الله إليهم، ونهاهم عن معصية الله، وارتكاب ما كانوا قد ابتدعوه في العالم مما لم يسبقهم أحد من الخلائق إلى فعله، من إتيان الذكور دون الإناث

ولهذا قال تعالى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ أي أتطئون الذكور من الناس مع وجود الإناث، أو أتطئون أنتم من بين من عداكم من العالمين الذكران، أي أنتم مختصون بهذه الفاحشة

وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ أي وتتركون فروج الأزواج وقد أباحها الله لكم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ أي متجاوزون للحد في العدوان، أي بل أنتم قوم أحق بأن توصفوا بالعدوان، حيث ارتكبتم مثل هذه الفظيعة، وبدلا من أن يستجيبوا لمنطق الهدى والفطرة والعقل

كان جوابهم قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ أي عن إنكارك علينا وتقبيح أمرنا لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ هددوه بالنفي من بين أظهرهم. والمعنى:

لتكونن من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا وطردناه من بلدنا، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال، فلما رأى أنهم لا يرتدعون عما هم فيه، وأنهم مستمرون على ضلالتهم، تبرأ من عملهم، وسأل الله نجاته، ونجاة أهله من عملهم

قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ أي المبغضين لا أحبه ولا أرضى به

رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ أي من الوقوع في عملهم، ومن عقوبته في الدنيا والآخرة

فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ يعني بناته ومن آمن معه أَجْمَعِينَ أي كلهم

إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ هي امرأة لوط، وكانت راضية بالمعصية، والراضي بالمعصية في حكم العاصي، فكانت من الغابرين، أي في الباقين في العذاب فلم تنج منه

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ أي استأصلناهم بالهلاك

وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً من حجارة زيادة على جعل عالي بلادهم سافلها فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ أي الذين أنذروا فكذبوا فعوقبوا بمثل هذا المطر

إِنَّ فِي ذلِكَ أي في فعل الله بقوم لوط وإنجائه لوطا لَآيَةً أي لدلالة على وجود الله وإرساله الرسل، وتوليه لهم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع كثرة الآيات

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ومن عزته أن يستأصل من شاء الرَّحِيمُ ومن رحمته أن ينجي رسله والمؤمنين.

[فائدة]

من العقوبة الشديدة التي حلت بقوم لوط نعلم فظاعة الجريمة التي كانوا عليها ومن قوله تعالى في الآيات: وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ نعلم أن دبر

<<  <  ج: ص:  >  >>