يكلفهم أعراضهم في النهاية .. حيث لا يملك أب أن يمنع فتاته من الدعارة التي يريدها بها الطواغيت، سواء في صورة الغصب المباشر- كما يقع على نطاق واسع على مدار التاريخ- أو في صورة تنشئتهن على تصورات ومفاهيم تجعلهن نهبا مباحا للشهوات تحت أي شعار! وتمهد لهن الدعارة والفجور تحت أي ستار .. والذي يتصور أنه ينجو بماله وعرضه وحياته وحياة أبنائه وبناته في حكم الطواغيت من دون الله. إنما يعيش في وهم أو يفقد الإحساس بالواقع!.
إن عبادة الطاغوت عظيمة التكاليف في النفس والعرض والمال .. ومهما تكن تكاليف العبودية لله فهي أربح وأقوم حتى بميزان هذه الحياة. فضلا على وزنها في ميزان الله.
أقول: في شريعتنا الإكراه الملجئ يبيح للإنسان أن يقول كلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، وهو موضوع سيمر معنا في سورة النحل
[فائدة]
قال ابن كثير: قال محمد بن إسحاق عن مدين: هم من سلالة مدين بن إبراهيم وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر قال: واسمه بالسريانية يثرون، (قلت): مدين تطلق على القبيلة وعلى المدينة، وهي التي بقرب معان من طريق الحجاز قال الله تعالى وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ (القصص: ٢٣) وهم أصحاب الأيكة كما سنذكره إن شاء الله وبه الثقة. وفي سفر التكوين الإصحاح السابع والثلاثين في قصة يوسف يرد ذكر الإسماعيليين ويبدو أن المراد بهم العرب، ثم يرد ذكر المديانيين فيقول:(واجتاز رجال مديانيون تجار). فالمديانيون غير العرب وغير الفلسطينيين وعلى حسب خريطة ما يسمى بالكتاب المقدس فإن مدين تمتد شرقي وغربي خليج العقبة.
وبعد أن قص الله علينا ما فعله بأقوام نوح وهود وصالح ولوط وشعيب فإن تعقيبا على هذا كله يأتي في هذا المقطع: يقول صاحب الظلال: «ثم يقف سياق السورة وقفة للتعقيب على ذلك القصص- وفق منهج السورة- فيكشف في هذا التعقيب عن خطوات قدر الله بالمكذبين .. كيف يأخذهم بالبأساء والضراء لعل قلوبهم تصحو وترق، وتلجأ إلى الله وتتضرع إليه، فإذا لم تستيقظ هذه القلوب ولم تنتفع بالابتلاء، أخذهم الله بالسراء- وهي أشد في الابتلاء- حتى يزدادوا عن قدر الله غفلة ويظنون