أي: الوهم والخيال والاعتقادات الفاسدة وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ. أي: تكذبون على الله فيما ادّعيتموه
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ. أي: التامّة الكاملة عليكم بأوامره ونواهيه، ولا حجة لكم على الله بمشيئته فَلَوْ شاءَ. هدايتكم لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ولكن له الحكمة في أن يعلق الهداية على أسبابها، والضلال على أسبابه، فخلق الهداية عند من يستحقّها بتوفيقه، وخلق الضّلال عند من يستحقه بعدله
قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ.
أي: هاتوا شهداءكم وقرّبوهم الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا. أي: ما زعموه محرّما فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ. أي: فلا تسلّم لهم ما شهدوا به، ولا تصدّقهم، لأنّه إذا سلّم لهم فكأنه شهد معهم مثل شهادتهم؛ فكان واحدا منهم- وحاشاه- فإنهم شهود الزور الكذبة وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا دلّ هذا على أن من كذّب بآيات الله فهو متبع للهوى إذ لو اتبع الدليل لم يكن إلا مصدّقا بالآيات موحّدا لله وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فهم ملحدون بها وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ.
أي: يسوون به مخلوقاته، فمن اجتمع له التكذيب بالآيات، والكفر بالآخرة، والشرك، ما كان ليكون إلا متبعا للهوى، وبهذا تمّت المجموعة الأولى من هذا المقطع، وقد ردّ بها على أولئك الذين يحرّمون ما أحلّ الله.
[كلمة في السياق]
١ - قرّرت الآيات أن هؤلاء الذين يحرّمون ما لم يحرمه الله كذبة مكذبون بآيات الله، كافرون بالآخرة، مشركون بالله، متبعون للهوى، متّبعون للظنون، وهذه أبشع صفات يمكن أن يتصف بها إنسان، ومن هنا ندرك خطورة قضية التحريم والتحليل، والهجوم عليها بلا علم، وتلخيصا لما مرّ معنا في المقطع نقول:
بدأ المقطع بذكر ما خلق للإنسان، وما حرّم الإنسان على نفسه بلا علم، ثمّ بيّن حقيقة ما حرّمه الله، ثمّ ناقش الكافرين في الأساس الذي اعتمدوه في موضوع التحريم، وبعد نقاش وإقامة حجة، ووصف لهؤلاء بما هم فيه، يصل السياق إلى المجموعة الثانية، وفيها تفصيل للمحرمات الأساسية في دين الله.
٢ - لاحظ أن الآية الأخيرة في المجموعة ورد فيها قوله تعالى: وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وتذكّر أن أول آية في سورة الأنعام ختمت بقوله تعالى: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فالسّورة سياقها واحد