والقدرة تبرز على وفق الإرادة. مع العلم أن صفات الله أزلية، وأن علم الله وإرادته أزليان، فمن الأزل علم ومن الأزل أراد دون ترتيب.
٢ - نلاحظ أن المعاني الأولى في سورة البقرة قد مرت معنا في هذه الآيات مما يشير إلى أهمية هذه المعاني في رسالة الرسول صلّى الله عليه وسلم، وإذا كانت هذه المعاني قد تضمنتها السور السبع الماضية من هذه المجموعة، فهذا يرينا كيف أن السورة تكرّ على ما مضى لتضعه في محله من موضوع الرسالة والرسول الذي هو مضمون سورة يس، ومن قبل كنّا ذكرنا أن التفصيل في محور تفصيل فيه وفي امتدادات معانيه، وفي ارتباطاته من سورة البقرة.
٣ - نلاحظ أنه بعد أن ذكر الله عزّ وجل ما ذكر من قواعد ومعان يأمر فيما يأتي رسوله صلّى الله عليه وسلم بأن يضرب مثلا في موقف أهل مدينة من رسلهم، وماذا كان عقابهم، ممّا يفيد أن الرسول صلّى الله عليه وسلم عليه واجب الإنذار، ولو علم أن إنذاره لا يفيد وهو شيء علمناه من أول السورة: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ مع أن أكثر القوم بنص الآيات لا يؤمنون: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وقبل أن نرى المثل فلننقل بعض فوائد ما مر.
بمناسبة قوله تعالى: وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قال النسفي: (وروي أن عمر بن عبد العزيز قرأ الآية على غيلان القدري فقال: كأني لم أقرأها، أشهدك أني تائب عن قولي في القدر، فقال عمر: اللهم إن صدق فتب عليه، وإن كذب فسلط عليه من لا يرحمه، فأخذه هشام بن عبد الملك من عنده فقطع يديه ورجليه، وصلبه على باب دمشق).
٢ - [حول سبب نزول قوله تعالى إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا .. ]
في سبب نزول قوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا ... إلى فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ. قال ابن كثير: (وقال عكرمة: قال أبو جهل لئن رأيت محمدا لأفعلن، ولأفعلن فأنزلت إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا إلى قوله فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ قال: وكانوا يقولون هذا محمد، فيقول: أين هو أين هو؟ لا يبصر، ورواه ابن جرير؛ وقال محمد ابن إسحاق حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب