عظيم وإن لم يكن مصلحا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته. ثمّ هدّد الكافرين وأوعدهم بأن أمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لهم: انتظروا إنا منتظرون. ثم
هدد الله تعالى من فارق دين الله وخالفه، وتفرّق فيه كأهل الملل، والنّحل، والأهواء، والضلالات، ممن تركوا ما أحلّ الله، أو حرموا ما أحل، أو انحرفوا في الفهم، كل هؤلاء أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يبرأ منهم ويتبرأ، وأن يكل أمرهم إلى الله، والله هو الذي سينبئهم بما كانوا يفعلونه. وختمت هذه المجموعة بتبيان فضل الله، وعدله، إذ جعل الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، ليقبل عباده على الحسنات، وليعرفوا عدله، وأنّه يعاقب على السيئات، وبهذا المعنى انتهت المجموعة الثانية من هذا المقطع، وفيها بيّن الله المحرمات الرئيسية، ورد على الضالّين ووعظهم وهدّدهم.
وتأتي المجموعة الثالثة وهي تأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يخبر بما أنعم الله به عليه من الهداية إلى صراطه المستقيم، الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف. وهو الدين القائم الثابت. دين إبراهيم الحنيف عن كل باطل، والمستقيم على أمر الله، والطاهر من الشرك. ثم أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن لهؤلاء المشركين إخلاصه لله، وأنه لا يطلب ربّا سواه، وكيف يفعل والله رب كل شئ؟ وهو الذي سيحاسب كل نفس على عملها، وهو الذي لا يحمّل نفسا إثم نفس أخرى، ثم أمره أن يبلغهم أن إلى الله المرجع، وأن الله سيحكم بين الجميع فيما اختلفوا فيه.
ثم يختم المقطع وتختم السورة بما يذكرنا بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً .. بتقرير أن الله قد جعلنا خلائف في الأرض، وجعل الأرض لنا، ولكي يتم إعمار الأرض، رفع بعضنا فوق بعض درجات، وأن في ذلك ابتلاء للجميع، هل يلتزم كل منهم بحكم الله فيما آتاه. ثم ختمت السّورة بالتذكير أنّ حسابه وعقابه سريع فيمن عصاه وخالف رسله، وأنه غفور رحيم لمن والاه واتّبع رسله فيما جاءوا به، وبهذا تنتهي السورة. وسنعرض المقطع على أنه مقدمة ومجموعات ثلاث وخاتمة.
[المعنى الحرفي]
«مقدمة المقطع»
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ. أي: خلق جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ. أي: مسموكات