للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَخِي. أي اغفر لي ما فرط مني في حق أخي، ولأخي إن كان قد فرط في حسن الخلافة، وفي هذا إرضاء لأخيه لينفي الشماتة عنه بإشراكه معه في الدعاء وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ أي في عصمتك في الدنيا وجنتك في الآخرة وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فاعطنا رحمتك

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ إلها سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وهو ما أمروا به من قتل أنفسهم ليقبل توبتهم، كما مر في سورة البقرة وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا إما بمزيد التغرب وإما بمواقف ذلة في الأرض التي هم فيها وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ أي الكاذبين على الله

وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ أي من الكفر والمعاصي ثُمَّ تابُوا أي رجعوا إلى الله مِنْ بَعْدِها أي من بعد فعل السيئات وَآمَنُوا أي أخلصوا الإيمان لله إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها أي من بعد السيئات أو التوبة لَغَفُورٌ أي لستور عليهم محاء لما كان منهم رَحِيمٌ أي منعم عليهم بالجنة. وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل وغيرهم، عظم جنايتهم أولا ثم أردفها بتعظيم رحمته ليعلم أن الذنوب وإن عظمت فعفوه أعظم،

ولما كان الغضب لشدته كأنه هو الآمر لموسى بما فعل جاءت الآية بعد ذلك تقول: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أي ولما سكن غضب موسى أَخَذَ الْأَلْواحَ التي ألقاها. وَفِي نُسْخَتِها أي وفيما نسخ منها وعنها أو في النسخة التي استبدلت بها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ. أي يخشونه ويخضعون له وقد ضمن الرهبة معنى الخضوع ولهذا عداها باللام.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ يقول ابن كثير: ولكن غطى على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلال كما تقدم من رواية الإمام أحمد وأبي داود عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حبك الشئ يعمي ويصم».

٢ - أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر، أخبره ربه عزّ وجل أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح».

٣ - وبمناسبة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ قال سفيان بن عيينة: «كل صاحب بدعة ذليل» قال الحسن البصري: إن ذل البدعة على أكتافهم وإن هملجت بهم البغلات

<<  <  ج: ص:  >  >>