وعن جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله تعالى لهذه الأمة».
أخرجه مسلم. وهو غيب من الغيب الذي حدّثنا عنه الصادق الأمين وأشار إليه القرآن الكريم، ومنكره بعد تواتره كافر بعد البيان أو قبله، لمن كان يعيش في دار الإسلام على خلاف بين العلماء هل يكفر بعد البيان أو قبل البيان بحكم أنه يعيش على أرض الإسلام فلا يعذر بالجهل.
بمناسبة قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام: قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ قال الألوسي في قوله تعالى: بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وهو أمر الديانات وما يتعلق بالتكليف دون الأمور التي لم يتعبدوا بمعرفتها، ككيفية نضد الأفلاك وأسباب اختلاف تشكلات القمر مثلا، فإن الأنبياء عليهم السلام لم يبعثوا لبيان ما يختلف فيه من ذلك، ومثلها ما يتعلق بأمر الدنيا ككيفية الزراعة وما يصلح الزرع وما يفسده مثلا. فإن الأنبياء عليهم السلام لم يبعثوا لبيانها أيضا كما يشير إليه قوله صلّى الله عليه وسلم في قصة تأبير النخل «أنتم أعلم بأمور دنياكم»).
وقال صاحب الظلال: (ولقد جاء المسيح فوجدهم شيعا ونحلا كثيرة، أهمها أربع فرق أو طوائف:
طائفة الصدوقيين نسبة إلى «صدوق» وإليه وإلى أسرته ولاية الكهانة من عهد داود وسليمان عليهما السلام. وحسب الشريعة لا بد أن يرجع نسبه إلى هارون أخي
موسى.
فقد كانت ذريته هي القائمة على الهيكل. وكانوا بحكم وظيفتهم واحترافهم متشددين في شكليات العبادة وطقوسها، ينكرون «البدع» في الوقت الذي يترخصون في حياتهم الشخصية ويستمتعون بملاذّ الحياة؛ ولا يعترفون بأن هناك قيامة!.
وطائفة الفريسيين، وكانوا على شقاق مع الصدوقيين. ينكرون عليهم تشددهم في الطقوس والشكليات، وجحدهم للبعث والحساب. والسمة الغالبة على الفريسيين هي الزهد والتصوف وإن كان في بعضهم اعتزاز وتعال بالعلم والمعرفة. وكان المسيح- عليه السلام- ينكر عليهم هذه الخيلاء وشقشقة اللسان!.