ولكن هذه ليست سوى نظرية فلكية. تقوم اليوم وقد تنقض غدا. وتقوم نظرية أخرى تصلح لتفسير الظواهر الكونية بفرض آخر يتحول إلى نظرية. ونحن أصحاب هذه العقيدة- لا نحاول أن نحمل النص القرآني المستيقن على نظرية غير مستيقنة تقبل اليوم وترفض غدا. لذلك لا نحاول في هذه الظلال أن نوفق بين النصوص القرآنية والنظريات التي تسمى علمية. وهي شئ آخر غير الحقائق العلمية الثابتة القابلة للتجربة كتمدد المعادن بالحرارة، وتحول الماء بخارا وتجمده بالبرودة .. إلى آخر هذا النوع من الحقائق العلمية. وهي شئ آخر غير النظريات العلمية- كما بينا من قبل في الظلال.
إن القرآن ليس كتاب نظريات علمية ولم يجئ ليكون علما تجريبيا كذلك. إنما هو منهج للحياة كلها. منهج لتقديم العقل ليعمل وينطلق في حدوده ولتقويم المجتمع
ليسمح للعقل بالعمل والانطلاق. دون أن يدخل في جزئيات وتفصيليات علمية بحتة.
فهذا متروك للعقل بعد تقويمه وإطلاق سراحه.
وقد يشير القرآن أحيانا إلى حقائق كونية كهذه التي يقررها هنا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ونحن نستيقن هذه الحقيقة لمجرد ورودها في القرآن. وإن كنا لا نعرف منه كيف كان فتق السموات والأرض. أو فتق السموات عن الأرض.
ونتقبل النظريات الفلكية التي لا تخالف هذه الحقيقة المجملة التي قررها القرآن. ولكننا لا نجري بالنص القرآني وراء أية نظرية فلكية. ولا نطلب تصديقا للقرآن في نظريات البشر وهو حقيقة مستيقنة، وقصارى ما يقال: إن النظرية الفلكية القائمة اليوم لا تعارض المفهوم الإجمالي لهذا النص القرآني السابق عليها بأجيال).
[نقل]
بمناسبة قوله تعالى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً قال صاحب الظلال:
(والسماء كل ما علا، ونحن نرى فوقنا ما يشبه السقف. والقرآن يقرر أن السماء سقف محفوظ. محفوظ من الخلل بالنظام الكوني الدقيق، ومحفوظ من الدنس باعتباره رمزا للعلو الذي تنزل منه آيات الله .. )
[فوائد]
١ - في تفسير قوله تعالى رَتْقاً في قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً اتجاهان رئيسيان ذكرهما ابن كثير مع غيرهما.