ينكر الله عزّ وجل على المؤمنين أن يتصوروا أن دخول الجنة يكون دون ابتلاء، أو اختبار، أو احتمال. ويبين جل جلاله أن الابتلاء هو سنة الله في الذين قبلنا من الأمم.
وابتلاء الله إنما يكون بالأمراض، والأسقام، والآلام والمصائب، والخوف من الأعداء، والفتنة عن الدين. وبين الله عزّ وجل أن من سنة الله أن يستمر هذا الابتلاء حتى يصل الضيق والشدة إلى منتهاه. ويكاد يفرغ صبر أهل الإيمان ويتساءلون: متى يكون النصر. عندئذ ينزل الله نصره، ويبعث فرجه.
[المعنى الحرفي]
أَمْ حَسِبْتُمْ: أم هنا بمعنى: بل. والتقدير:(بل حسبتم). والهمزة فيها للتقرير، وإنكار الحسبان، واستبعاده. والحسبان: الظن. بدأت الآية بإنكار مثل هذا التصور. أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ: أي أن تستأهلوا دخول الجنة. وَلَمَّا يَأْتِكُمْ:
أي ولم يأتكم. وفي (لما) هنا معنى التوقع يعني أن إتيان ذلك متوقع منتظر. مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ: أي حال الذين مضوا من قبلكم من النبيين والمؤمنين.
والتي هي مثل في الشدة. مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا: هذا بيان للمثل.
وهو استئناف. كأن قائلا قال: كيف ذلك المثل؟. فقيل: مستهم .. والبأساء:
الفقر. والضراء: السقم. ومعنى زلزلوا: حركوا بأنواع البلايا، وأزعجوا إزعاجا شبيها بالزلزلة؛ بالفزع والخوف. حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ؟: أي بلغ بهم الضجر إلى الغاية التي قالوا بها: مَتى نَصْرُ اللَّهِ؟. لم يبق لهم صبر حتى قالوا ذلك. ومعناه: طلب النصر، وتمنيه، واستطالة زمان الشدة.
والجواب: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ.
[فوائد]
١ - في الحديث الصحيح عن خباب بن الأرت قال: «قلنا يا رسول الله: ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا. فقال: إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما بين