للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنتابع عرض المجموعة الثالثة: لقد أقام الله الحجة على المكذبين بإثبات عجزهم عن رد الروح إلى الجسد، فإذا كان عجزهم عن إرجاع الروح واضحا، فقد ثبت الحساب والعقاب والدينونة، ومن ثم فالله عزّ وجل يحدثنا عما سيئول إليه حال هذا الميت، وهو تلخيص لما ذكر في أول السورة- إذا كان المراد بما يأتي حالهم يوم القيامة- وهناك من ذهب إلى أن الآيات التالية في البرزخ، فتكون هذه في البرزخ وتلك في يوم القيامة

فَأَمَّا إِنْ كانَ أي: المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أي: من السابقين الذين ذكروا في أول السورة

فَرَوْحٌ أي: فله استراحة وَرَيْحانٌ أي: ورزق وَجَنَّةُ نَعِيمٍ مع الراحة والريحان

وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أي:

وأما إن كان المتوفى من أصحاب اليمين

فَسَلامٌ لَكَ أي: يا صاحب اليمين مِنْ إخوانك أَصْحابِ الْيَمِينِ أي: يسلمون عليك

وَأَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ هم الصنف الثالث من الأزواج الثلاثة المذكورين من قبل في السورة، وهم الذين قيل لهم فيها ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أي: فضيافة من شراب بلغ الغاية في الحرارة

وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي: وإدخال فيها. قال النسفي: وفي هذه الآيات إشارة إلى أن الكفر ملة واحدة، وأن أصحاب الكبائر من أصحاب اليمين، لأنهم غير مكذبين

إِنَّ هذا أي: الذي أنزل في هذه السورة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ أي: الحق الثابت من اليقين. قال ابن كثير: أي إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه، ولا محيد لأحد عنه

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ شكرا له على ما رزق، وأنزل من هذا القرآن، وتنزيها له عن تكذيب المكذبين، وكلام الضالين، وبهذا انتهت السورة ملخصة ما ذكر في ابتدائها.

[كلمة في السياق]

١ - في المجموعة الثانية جاء قوله تعالى: فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ بعد قوله تعالى:

نَحْنُ خَلَقْناكُمْ وهاهنا بعد أن ذكر الله عزّ وجل بالقرآن، وذكر بوجوب شكره جل جلاله، أقام الحجة على أن الإنسان محاسب، قال: فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وإذ ثبت العجز فقد ثبت القهر، وقامت الحجة على الإنسان، ووجب التصديق، ومن ذلك ينتقل السياق إلى ما يحدث للميت بحسب عمله، وصلة ذلك بقوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>