وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة لَعَلَّهُمْ أي لعل قومه يَهْتَدُونَ أي يعملون بشرائعها ومواعظها
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً تدل على قدرتنا على ما نشاء لأنه خلق من غير نطفة وكان هو وأمه آية لأن الأعجوبة فيهما واحدة وَآوَيْناهُما أي جعلنا مأواهما أي منزلهما إِلى رَبْوَةٍ أي إلى أرض مرتفعة ذاتِ قَرارٍ أي مستقر من أرض مستوية منبسطة، أو ذات ثمار وماء، لأنه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها وَمَعِينٍ أي وماء ظاهر جار على وجه الأرض قال النسفي: وهي بيت المقدس أو دمشق أو الرملة أو مصر. وقال ابن كثير: وأقرب الأقوال في ذلك ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ قال:
المعين: الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله تعالى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا.
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ أي الحلال وَاعْمَلُوا صالِحاً أي موافقا للشريعة قال ابن كثير: فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح، وقال النسفي (هذا الخطاب والنداء ليسا على ظاهرهما؛ لأنهم أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة، وإنما المعنى الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك ووصي به، ليعتقد السامع أن أمرا نودي به جميع الرسل ووصوا به حقيق أن يؤخذ به، ويعمل عليه أو خطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام لفضله ومقامه مقام الكل في زمانه، وكان يأكل من الغنائم، أو لعيسى عليه السلام لاتصال الآية بذكره، وكان يأكل من غزل أمه، وهو أطيب الطيبات، والمراد بالطيبات ما حل والأمر للتكليف، أو ما يستطاب يستلذ والأمر للترفيه والإباحة) إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فأجازيكم على أعمالكم
وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ يا معشر الأنبياء والرسل أُمَّةً واحِدَةً ملة واحدة، وشريعة واحدة، ودينا واحدا وَأَنَا رَبُّكُمْ وحدي فَاتَّقُونِ أي فخافوا عقابي في مخالفتكم أمري
فَتَقَطَّعُوا أي قطعت الأمم أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً أي قطعا يعني: جعلوا دينهم أديانا، يعني قطعت الأمم أمر الأنبياء قطعا، وأخذت كل طائفة قطعة، وأمرهم واحد، وعن الحسن:
قطعوا كتاب الله قطعا، وحرفوه كُلُّ حِزْبٍ أي كل فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم بِما لَدَيْهِمْ من الهوى والرأي فَرِحُونَ مسرورون معتقدون أنهم على الحق، ولهذا قال: متوعدا