الثلاث مقدمة لتبيان عظمة الاهتداء بهذا القرآن، وكأن المجموعات الثلاث مقدّمة لتبيان فظاعة قسوة القلب.
فلنر المجموعة الرابعة في المقطع الأول من السورة:
[تفسير المجموعة الرابعة]
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ أي: وسّع صدره للإسلام فاهتدى فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ أي: على بيان وبصيرة، والمعنى أفمن شرح الله صدره فاهتدى، كمن طبع على قلبه فقسا قلبه، ولكنه حذف لدلالة ما بعده عليه، قال ابن كثير: أي:
هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب بعيد عن الحق، فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي: فلا تلين عند ذكره، ولا تخشع، ولا تعي، ولا تفهم، قال النسفي: أي:
من ترك ذكر الله، أو من أجل ذكر الله، أي: إذا ذكر الله عندهم أو آياته ازدادت قلوبهم قساوة كقوله فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ (التوبة: ١٢٥) أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: في غواية ظاهرة
يشبه بعضه بعضا في الصدق والبيان، والوعظ والحكمة والإعجاز، وغير ذلك مَثانِيَ جمع مثنى بمعنى: مردّد ومكرّر لما ثنّي من قصصه، وأنبائه وأحكامه، وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، ومواعظه ومعانيه. قال ابن كثير: وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله تعالى مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (آل عمران: ٧) ذاك معنى آخر. تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ أي: تنقبض، والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وآيات وعيده، أصابتهم خشعة تقشعر منها جلودهم، قال ابن كثير:(هذه صفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف) ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ أي: إذا ذكرت آيات الرحمة لانت جلودهم وقلوبهم، وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة. قال النّسفي: (وعدّي بإلى لتضمّنه معنى فعل متعد بإلى، كأنه قيل اطمأنت إلى ذكر الله، لينة غير منقبضة، واقتصر على ذكر الله من غير ذكر الرحمة لأن رحمته سبقت غضبه، فلأصالة رحمته إذا ذكر الله لم يخطر بالبال إلا كونه رءوفا رحيما، وذكرت الجلود وحدها أولا، ثم قرنت بها القلوب ثانيا، لأن محل الخشية