وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. هاتان الآيتان تأتيان بعد آيتي الأيمان، وقبل الآيات التي تفصل أحكام الطلاق، وصلتهما بما قبلهما واضحة. فما قبلهما كلام عن الأيمان. وهاهنا حديث عن نوع خاص من الأيمان: وهو حلف الرجل ألا يقرب زوجته مدة ما. والكلام عن هذا النوع من الأيمان يوصل إلى الكلام عن الطلاق الذي ستفصل أحكامه بعد هاتين الآيتين. وهذا كله يأتي ضمن السياق الذي يدعو إلى الدخول في شرائع الإسلام كلها. وعدم اتباع خطوات الشيطان في أي أمر.
[الإيلاء]
الإيلاء: الحلف. فإذا حلف الرجل أن لا يجامع زوجته مدة، فلا يخلو إما أن يكون أقل من أربعة أشهر، أو أكثر منها؟ فإن كانت أقل، فله أن ينتظر انقضاء المدة، ثم يجامع امرأته. وعليها أن تصبر. وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة. ومن آيتي الأيمان السابقة ندرك أنه يستحب له أن يكفر عن يمينه ويفيء فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر، فهل تقع بمضي الأربعة أشهر تطليقة بائنة؟ أو تطليقة رجعية؟ أو لا يقع طلاق، وللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر إما أن يفئ- أي يجامع- وإما أن يطلق. فيجبره الحاكم على هذا، أو هذا. لئلا يضر بها؟. ثلاثة أقوال للعلماء.
ذهب الشافعي إلى الأخير. وعلى هذا كثير من الصحابة، والتابعين. وذهب إلى الأول أبو حنيفة. وعلى هذا كثير من الصحابة، والسلف. وذهب إلى أنه تطليقة رجعية بعض التابعين. وعلى قول الشافعية تكون الطلقة رجعية، سواء طلقها هو، أو طلقها عليه الحاكم. وله رجعتها في العدة.
[المعنى الحرفي]
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ أي: للذين يحلفون على ترك الجماع من نسائهم.
تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ: ترقب أربعة أشهر. فَإِنْ فاؤُ: للعلماء قولان فيها، الأول قول الشافعية: فإن رجعوا إلى ما كانوا عليه من الجماع بعد الأربعة أشهر كان بها. وإلا فإن عليه أن يطلق، أو يطلق عليه الحاكم. والقول الثاني، قول الحنفية:
فإن رجعوا إلى الوطء خلال الأربعة أشهر، ولم يصروا على ترك الوطء كان بها، وإلا فإذا استمروا على الترك أربعة أشهر فإن يمينهم يعتبر طلاقا بائنا. فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.