مِنَ الْمَيِّتِ. أي: يخرج النبات الغض النامي من الأرض الميتة وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ كما هو مشاهد، ويمكن أن نفهم النصّ على أنّه يخرج الكافر من المؤمن، والمؤمن من الكافر. وهذا لفت نظر إلى قدرته على بعثهم؛ فالذي خلق هذه الأشياء قادر على بعثهم ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. أي: ذلكم المحيي المميت القادر هو الذي تحقّ له الربوبيّة فكيف تصرفون عنه وعن الإيمان به وعن توليه بعد وضوح الأمر
فالِقُ الْإِصْباحِ. أي: شاقّ عمود الصبح عن سواد الليل، أو خالق نور النهار وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً. أي: مسكونا فيه، يسكن فيه الخلق عن كدّ المعيشة إلى نوم الغفلة، ويسكن فيه أحبابه عن وحشة الخلق إلى الأنس بالحق وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً. أي: وجعل الشمس والقمر علمي حسبان أي علمين على نوع من الحساب؛ لأن حساب الأوقات يعلم بحركتهما ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. أي:
ذلك التسيير بالحساب المعلوم تقدير العزيز الذي قهرهما وسخّرهما، العليم بتدبيرهما وتسييرهما وبكل شئ
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ. أي: خلقها لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. أي: في ظلمات الليل في البر والبحر، أو في مشتبهات طرق البر والبحر قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. أي: قد بيّنّا الآيات الدالّة على التوحيد لقوم يعلمون
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ. أي: نفس آدم فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ. أي: فلكم مستقر في الرّحم، ومستودع في ظهور الآباء، أو مستقر فوق الأرض، ومستودع تحتها،
أو فمنكم مستقر ومنكم مستودع قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ الفقه يفيد تدقيق النظر، فهو معنى أوسع من العلم، وإنما ذكر العلم في الآية السابقة، والفقه هنا لأن الدلالة هناك أظهر، وهنا أدقّ، لأنّ إنشاء الإنس من نفس واحدة، وتصريفهم بين أحوال مختلفة أدقّ، فكان ذكر الفقه هنا والعلم هناك أوفق
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قال النسفي: من السحاب مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ. أي: بالماء نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ. أي: أنبت كل صنف من أصناف النبات، فالسبب وهو الماء واحد والمسببات صنوف مختلفة فَأَخْرَجْنا مِنْهُ. أي: من النبات خَضِراً. أي: شيئا أخضر وهو ما تشعّب من أصل النّبات الخارج من الحبّة نُخْرِجُ مِنْهُ. أي: من الخضر حَبًّا مُتَراكِباً وهو السنبل الذي تراكب حبّه وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ القنوان جمع قنو:
وهو العذق، والدانية القريبة من المجتني إما لثقل حملها، أو لقصر ساقها، وذكره ذكر لما يقابله، وهو غير الدانية، والمعنى: وقنوان دانية حاصلة من النّخل من طلعها