ومراقبة الله هذه المراقبة الواجفة الخاشعة .. هذا هو الطريق، ومن ثم يدرك اللب ويعرف، وينتفع بما يرى وما يسمع وما يجرب؛ وينتهي إلى الحقائق الكبرى الثابتة من وراء المشاهدات والتجارب الصغيرة. فأما الذين يقفون عند حدود التجارب المفردة، والمشاهدات الظاهرة، فهم جامعو معلومات وليسوا بالعلماء .. )
كلمة في السياق: [آيات المجموعة الأولى من المقطع الأول وهي (٢ - ٩)]
١ - أعطتنا الآيتان الأخيرتان نموذجين على الشكر والكفر، بما ينفّر من الكفر وأهله، وبما يقيم الحجة على أهله، وكلّ ذلك قد جاء بعد الآية التي ذكرت الشكر والكفر، وكان قد سبق ذلك ذكر ما يقتضي الشكر، وجاء قبل ذلك الأمر بعبادة الله وتوحيده بعد ذكر أن العبادة هي اللازم لإنزال القرآن بالحق.
٢ - كنّا ذكرنا أن بين سورة الزمر وبين سورة يونس تشابها يدلّنا على وحدة المحور، وذكرنا نماذج على التشابه، وهاهنا نذكر نوعا آخر من التشابه: في سورة يونس يتكرّر الكلام عن النفسية الكافرة، كيف تقبل على الله في الشدة، وتكفر في الرخاء:
قال تعالى في سورة يونس: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (الآية: ١٢) وقال كذلك في سورة يونس وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (الآية: ٢١) وقال تعالى في سورة الزمر: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (الآية ٨) وسيأتي في المقطع الثاني من سورة الزمر قوله تعالى: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
٣ - بدأ المقطع الأول بالأمر بعبادة الله، ثم أوصلنا إلى الكلام عن شكر الله، ثم من خلال المقارنة بين المطيع المؤمن والجاحد، عرّفنا على مظهر من مظاهر عبادته تعالى وهو الصلاة آناء الليل، مع التلبس بحالي الرجاء والخوف، فعرفنا من خلال ذلك مظهرا من مظاهر الشكر، ومن مظاهر العبادة، وذلك عنوان العلم الصحيح، ومن ثمّ فإن