للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل نزول الآية صحيح، ولكن لا يحتاج إلى ذلك، فإن الآية إنما دلت على أنه لا يتزوج بمن عدا اللواتي في عصمته، وأنه لا يستبدل بهن غيرهن، ولا يدل ذلك على أنه لا يطلق واحدة منهن من غير استبدال فالله أعلم، فأما قضية سودة ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها وهي سبب نزول قوله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً الآية. وأما قضية حفصة فروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من طرق ... عن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم طلّق حفصة ثم راجعها، وهذا إسناد قوي. وروى الحافظ أبو يعلى عن ابن عمر قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي فقال: ما يبكيك؟ لعلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم طلقك، إنه كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي. والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا. ورجاله على شرط الصحيحين.

٧ - [اتجاه آخر في تفسير آية وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ]

رأينا أن في قوله تعالى وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ نهيا عن الطلاق، وعن الاستبدال بالزوجة المطلقة زوجة أخرى، وهناك اتجاه ذكره ابن كثير بقوله:

(وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا مناسبا ذكره هاهنا عن أبي هريرة قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: بادلني امرأتك أبادلك بامرأتي، أي تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي فأنزل الله وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النبي صلّى الله عليه وسلم وعنده عائشة فدخل بغير إذن فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فأين الاستئذان؟» فقال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، ثم قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هذه عائشة أم المؤمنين، قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: «يا عيينة إن الله قد حرم ذلك» فلما أن خرج قالت عائشة: من هذا؟ قال: «هذا أحمق مطاع، وإنه على ما ترين لسيّد قومه». ثم قال البزار: إسحاق بن عبد الله ليّن الحديث جدا، وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه وبيّنا العلة فيه).

ولننتقل إلى المقطع الثامن.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>