للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وقد رأينا صلة كل مجموعات المقطع بهاتين الآيتين بما يغني عن إعادته هنا، لقد عمقت المجموعات الأربع معنى الدخول في الإسلام وعمقت موضوع ترك اتباع خطوات الشيطان، وعمقت موضوع عدم الوقوع في الزلل، ودلت على الطريق الواجب اتباعه للبعد عن الزلل، وللتوبة منه حين الوقوع فيه، وقد بدأ المقطع بقوله تعالى سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ثم سار المقطع ضمن مواضيع متعانقة حتى استقر على الآية وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ لاحظ الصلة بين أول آية في المقطع، وبين آخر آية فيه، فإذا ما أضيف إلى هذا أن آيات المقطع الثاني ذات موضوع جديد اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فهذا وذلك يدل على أن مقطعا قد انتهى، وأن مقطعا جديدا قد جاء، وقد عرض المقطع الأول علينا بعض فرائض الله عزّ وجل، كما أنه قد عرض بعض الآيات الواضحات، كما أنه ذكرنا ووعظنا، وذلك كله قد تضمنته آيتا البدء والختام.

[نقول]

قال ابن تيمية رحمه الله بمناسبة قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ .. والنظر إلى وجه الأمرد بشهوة كالنظر إلى وجه ذوات المحارم، والمرأة الأجنبية بالشهوة، سواء كانت الشهوة شهوة الوطء أو كانت شهوة التلذذ بالنظر، كما يتلذذ بالنظر إلى وجه المرأة الأجنبية، وإذ كان معلوما لكل أحد أن هذا حرام فكذلك النظر إلى وجه الأمرد باتفاق الأئمة.

وقول القائل: إن النظر إلى وجه الأمرد عبادة كقوله إن النظر إلى وجوه النساء، والنظر إلى محارم الرجل كبنت الرجل وأمه وأخته عبادة، ومعلوم أن من جعل هذا النظر المحرم عبادة، فهو بمنزلة من جعل الفواحش عبادة قال الله تعالى وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (الأعراف: ٢٨) ومعلوم أنه قد يكون في صور النساء الأجنبيات وذوات المحارم من الاعتبار والدلالة على الخالق من جنس ما في صور المردان، فهل يقول مسلم إن للإنسان أن ينظر بهذا الوجه إلى صور النساء نساء العالمين وصور محارمه؛ ويقول إن ذلك عبادة، بل من جعل مثل هذا النظر عبادة فإنه

كافر مرتد يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهو بمنزلة من جعل إعانة طالب الفاحشة عبادة، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>