لاحظ قوله تعالى وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ثم لاحظ أن سورة العصر تبدأ بقوله تعالى وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ....
فالآيات الأولى من سورة البقرة تتحدث عن المفلحين، وسورة العصر تتحدث عن المفلحين ولكن بتفصيل جديد؛ إذ تبدأ بالقسم على أن جنس الإنسان في خسر إلا من اتصف بصفات أربع: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فهي تفصيل للتقوى ولأخلاق المتقين الذي وصفهم الله عزّ وجل بالفلاح في أول سورة البقرة، لقد وصفت آيات سورة البقرة المتقين بالإيمان والصلاة والإنفاق، وكل ذلك داخل في الإيمان والعمل الصالح، وأما التواصي بالحق والتواصي بالصبر فهما يدخلان في قوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فالقرآن حق يجب التواصي به، والقرآن أمر بالصبر، فسورة العصر أبرزت أن مما يدخل في الاهتداء بكتاب الله عزّ وجل التواصي بالحق والتواصي بالصبر، فهي تفصيل للآيات الخمس الأولى من مقدمة سورة البقرة، لكنه تفصيل جديد فيه تحديد وفيه بيان.
رأينا أن سورة التكاثر بدأت بقوله تعالى أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ وانتهت بقوله تعالى ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ وسورة العصر تتحدث عن جنس الإنسان أنه في خسران إلا من اتصف بصفات أربع، فكأن سورة العصر تحدثنا عن طريق النجاة بعد أن ذكرت سورة التكاثر انشغال الإنسان، واستغراقه بالنعمة عن المنعم، فالصلة بين سورة العصر وما قبلها واضحة وسنرى أن صلتها بما بعدها قائمة.
[سورة العصر]
وتتألف من ثلاث آيات وهذه هي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [سورة العصر (١٠٣): الآيات ١ الى ٣]