للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للكافرين من خلال تقرير الحقيقة المخالفة لتصوراتهم، والدليل على أن الآيات الخمس السابقة عالجت تصورات فاسدة للكافرين هو ابتداء الآية اللاحقة من المجموعة الثانية بقوله تعالى: أَمِ في الآية أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ إن (أم) التي بمعني بل والهمزة، والتي تعطف نوع عطف ما بعدها على كلام سابق، تدل على أن الآيات الأولى من المجموعة الثانية كانت تسجل موقفا للكافرين من خلال العرض المقابل لأفكارهم، فلنستمر في عرض آيات المجموعة الثانية:

...

أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ أي بل اتخذوا آلهة من الأرض، فبسبب ذلك غفلوا عن اليوم الآخر وعن الحساب وأعرضوا عن الوحي وعن الذكر هُمْ يُنْشِرُونَ أي يحيون، أي هل هذه الآلهة تحيي وتعيد الحياة حتى عبدوها؟ أو هل هذه الآلهة الأرضية التي اتخذوها تحيي الموتى فهم مطمئنون إذا بعثتهم أنها لا تعذبهم؟، والمعنى: إن الله وحده هو الذي سيحييهم بعد مماتهم؛ فعليهم أن يعبدوه وحده ويتقوه

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ أي غير الله لَفَسَدَتا أي لخربتا والمعنى: لو كان يدبر أمر السماوات والأرض آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا فَسُبْحانَ اللَّهِ أي تنزيها له رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ من أن له شريكا

لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لأنه المالك على الحقيقة وَهُمْ يُسْئَلُونَ لأنهم مملوكون خطاءون فما أخلقهم بأن يقال لهم لم فعلتم عن كل شئ فعلوه؟ وإذن فالله عزّ وجل وحده هو الإله الذي يحيي الموتى، وهو وحده الذي يدبر أمر السماء والأرض، وهو وحده الذي يسأل ولا يسأل، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يغفل الغافلون، وكيف يعرض المعرضون، وكيف ينسى حسابه الناس أجمعون، وكيف إلى ذكره لا يستمعون واجفين؟

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً من الأرض، أو من السماء؛ فبسبب ذلك هم غافلون عن حسابه، معرضون عن ذكره؟! قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ أي حجتكم على ذلك هذا أي القرآن ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ أي ذكر أمتي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي يعني: ذكر أمم الأنبياء من قبلي، يعني هذا القرآن وهذه الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولونه وتزعمونه فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق مبرر لإعراضكم سوى أنكم جاهلون، ومن ثم ختمت الآية بقوله تعالى بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ لأجل ذلك، أي لأجل جهلهم الحق مُعْرِضُونَ أي عن الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>