مصعّر خدّه، ينظر في عطفيه، أي حميق ينظر في عطفيه في نعم غير مشكورة ولا مذكورة، غير المأخوذ بأمر الله فيها، ولا المؤدّى حق الله منها، والله إن يمشي أحدهم طبيعته يتلجلج تلجلج المجنون في كل عضو منه نعمة؛ وللشيطان به لعنة، فسمعه ابن الأهيم فرجع يعتذر إليه، فقال لا تعتذر إليّ وتب إلى ربك أما سمعت قول الله تعالى:
١٢ - [فائدة هامة وجليلة حول الفهم الصحيح لآية وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ]
وهناك فائدة محلها التقديم ولكن أخرناها لأهميتها. وهي: إن من أهم مناحي الخطأ في فهم النصوص التعسف والتكلف في فهمها، وتحميلها ما لا تحتمل، وإدخال قضايا تحتها ليست داخلة فيها. ومن ذلك أن بعض الناس فهموا من قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ بطلان الاجتهاد، وعدم جواز اتباع مجتهدي هذه الأمة.
وهذا خطأ. لأن الاجتهاد في المواطن التي أباح الشارع فيها الاجتهاد- إذا كان من أهله- نوع علم. قال تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ (الممتحنة: ١٠) فالعلم الوارد في هذا النص أثر عن الاجتهاد ومع ذلك سماه الله علما.
ثم يجب أن نعلم أن الآية في باب العقائد، وأما في باب الفروع فغالب الظن عند المجتهدين يقام مقام اليقين، ومن ثم أخذنا بخبر الآحاد مع أنه يفيد غالب الظن لا القطع على القول الراجح. والذي جعل خبر الآحاد يفيد القطع واهم. وقد رأينا في أكثر من مكان في هذا التفسير كيف أنّ الواحد قد يهم، وقد يخطئ حتى ولو كان البخاري ومسلم فكيف يبنى على خبره القطع ولننتقل إلى المقطع الثاني من سورة بني إسرائيل.