مدلوله إشارة إلى اسمه عليه الصلاة والسلام أحمد، وفسره بعضهم بالمخلص لقول عيسى: فالله يرسل مخلصا آخر فلا يكون ما ذكر بشارة به صلى الله تعالى عليه وسلم، بعنوان الحمد لكنه بشارة به صلى الله عليه وسلم بعنوان التخليص فيستدل به على ثبوت رسالته صلى الله عليه وسلم، وإن لم يستدل به على ما في الآية هنا).
وقد ذكر الشيخ عبد الوهاب النجار قصة جرت له مع مستشرق إيطالي سماه في كتابه (قصص الأنبياء) وكيف أن المستشرق أقر له بأن كلمة الفارقليط مشتقة من الحمد، وقد توسعنا في هذا الموضوع في كتابنا (الرسول صلى الله عليه وسلم) فليراجع.
قال صاحب الظلال:(وبشارة المسيح بأحمد ثابتة بهذا النص، سواء تضمنت الأناجيل المتداولة هذه البشارة أم لم تتضمنها. فثابت أن الطريقة التي كتبت بها هذه الأناجيل والظروف التي أحاطت بها لا تجعلها هي المرجع في هذا الشأن.
وقد قرئ القرآن على اليهود والنصارى في الجزيرة العربية وفيه: النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ... وأقر بعض المخلصين من علمائهم الذين أسلموا كعبد الله بن سلام بهذه الحقيقة، التي كانوا يتواصون بتكتمها!
كما أنه ثابت من الروايات التاريخية أن اليهود كانوا ينتظرون مبعث نبي قد أظلهم زمانه، وكذلك بعض الموحدين المنعزلين من أحبار النصارى في الجزيرة العربية. ولكن اليهود كانوا يريدونه منهم. فلما شاء الله أن يكون من الفرع الآخر من ذرية إبراهيم، كرهوا هذا وحاربوه!
وعلى أية حال فالنص القرآني بذاته هو الفيصل في مثل هذه الأخبار. وهو القول الأخير).
[كلمة أخيرة في سورة الصف]
رأينا وحدة سياق سورة الصف، كما رأينا صلة السورة بمحورها من سورة البقرة وكيف أن السورة شدت إلى محورها آيات موجودة في أعماق سورة البقرة، وفصلت في الجميع مما يشير إلى ارتباط وثيق بين معاني مقدمة سورة البقرة ومعاني تلك الآيات، مما يؤكد أن السور التي تأتي بعد سورة البقرة تفصل في محاور من سورة البقرة وفي ارتباطات هذه المحاور، وامتدادات معانيها، وقد رأينا هذا الموضوع من قبل وسنراه كثيرا، وفي سورة الجمعة نموذج واضح على ذلك.